ثمّ [قال :] (١) سمعت أبي يقول : من مضت له سنة لم يصلنا من ماله قلّ أو كثر ، لم ينظر الله إليه يوم القيامة إلّا أن يعفو الله عنه.
ثمّ قال : يا مفضّل ، إنّها فريضة فرضها الله على شيعتنا في كتابه ، إذ يقول : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ). فنحن البرّ والتّقوى ، وسبيل الهدى ، وباب التّقوى.
لا يحجب (٢) دعاؤنا عن الله. اقتصروا على حلالكم وحرامكم ، فاسألوا عنه. وإيّاكم أن تسألوا أحدا من الفقهاء عمّا لا يعنيكم وعما ستر الله عنكم.
(وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ) : محبوب ، أو غيره. و «من» للبيان.
(فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) (٩٢) : فيجازيكم بحسبه.
(كُلُّ الطَّعامِ) ، أي : المطعومات ، والمراد : أكلها. ويشعر به الطّعام لقبا.
(كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ) : حلالا لهم. مصدر نعت به ، ولذلك يستوي فيه الواحد والجمع والمذكّر والمؤنّت ، كقوله : (لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ).
(إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ) : يعقوب ـ عليه السّلام ـ (عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ) : كلحوم الإبل ، كان إذا أكل لحم الإبل هيج عليه وجع الخاصرة ، فحرّم على نفسه لحم الإبل قبل إنزال التّوراة ، وبعده لم يأكله لأجل إضراره بمرضه ، ولم يحكم بتحريمه على نفسه.
في الكافي (٣) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد أو غيره ، عن ابن محبوب ، عن عبد العزيز العبديّ ، عن عبد الله بن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول [..].(٤) إنّ إسرائيل كان إذا أكل من لحم الإبل هيج عليه وجع الخاصرة ، فحرّم على نفسه لحم الإبل ، وذلك قبل أن تنزل التّوراة. فلمّا نزلت التّوراة لم يحرّمه ولم يأكله.
وهذا ردّ على اليهود ، حيث أرادوا براءة ساحتهم ممّا نطق به القرآن من تحريم الطّيّبات عليهم ، لبغيهم وظلمهم ، في قوله : (ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ) وقوله :
__________________
(١) من المصدر.
(٢) المصدر : ولا يحجب.
(٣) الكافي ٥ / ٣٠٦ ، ح ٩.
(٤) المصدر : من زرع حنطة في ارض فلم يزك زرعه أو خرج زرعه كثير الشعير فبظلم عمله في ملك رقبة الأرض أو بظلم لمزارعيه وأكرته لأنّ الله عزّ وجلّ يقول : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) [النّساء / ١٦٠] يعني لحوم الإبل والبقر والغنم. وقال