(فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) فقالوا : لسنا بأوّل من حرّمت عليه ، وقد كانت محرّمة على نوح وإبراهيم ومن بعده من بني إسرائيل إلى أن انتهى التّحريم إلينا. فكذّبهم الله.
(قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٩٣) : أمر بمحاجّتهم بكتابهم ، وتبكيتهم بما فيه ، حتّى يتبيّن أنّه تحريم حادث بسبب ظلمهم وبغيهم ، لا تحريم قديم كما زعموا ، فلم يجسروا على إخراج التوراة وبهتوا ، وفيه دليل على نبوّته ـ عليه السّلام ـ.
[وفي تفسير العيّاشيّ (١) : عن عمر بن يزيد قال : كتبت إلى أبي الحسن ـ عليه السّلام ـ أسأله عن رجل دبرّ مملوكه ، هل له أن يبيع عنقه (٢) قال : كتب : كلّ الطّعام كان حلا لنبي إسرائيل إلّا ما حرّم إسرائيل على نفسه.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) : وأمّا قوله : (كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ).
قال : إنّ يعقوب كان (٤) يصيبه عرق النّساء ، فحرّم على نفسه لحم الجمل.
فقالت (٥) اليهود : إنّ [لحم] (٦) الجمل محرّم في التّوراة.
فقال الله (٧) ـ عزّ وجلّ ـ لهم (فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ، إنّما حرّم هذا إسرائيل على نفسه ولم يحرّمه على النّاس].(٨) (فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) بزعمه أنّ ذلك كان محرّما على الأنبياء ، وعلى بني إسرائيل قبل إنزال التّوراة ، (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) ، أي : لزوم الحجّة ، (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (٩٤) لأنفسهم ، ومكابرتهم الحقّ بعد وضوحه.
(قُلْ صَدَقَ اللهُ) : تعريض بكذبهم ، أي : ثبت أنّ الله صادق فيما أنزله ، وأنتم
__________________
(١) تفسير العياشي ١ / ١٨٥ ، ح ٨٧.
(٢) المصدر : عتقه.
(٣) تفسير القمي ١ / ١٠٧ ـ ١٠٨.
(٤) هكذا في المصدر. وفي الأصل : «كان يعقوب» بدل «إنّ يعقوب كان».
(٥) المصدر : فقال.
(٦) من المصدر.
(٧) ليس في المصدر.
(٨) ما بين المعقوفتين ليس في أ.