أصحاب أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ لأبي حنيفة : يا أبا حنيفة ، تعرف كتاب الله حقّ معرفته وتعرف النّاسخ والمنسوخ؟
قال : نعم.
قال : يا أبا حنيفة ، لقد ادّعيت علما ويلك ما جعل الله ذلك إلّا عند أهل الكتاب الّذين أنزل عليهم ، ويلك ولا هو إلّا عند الخاصّ من ذرّيّة نبيّنا محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ وما أدريك (١) الله من كتابه حرفا ، فإن كنت كما تقول ولست كما تقول ، فأخبرني عن قول الله ـ عزّ وجلّ (٢) ـ : (سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ) أين ذلك من الأرض؟
قال : أحسبه ما بين مكّة والمدينة.
فالتفت أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ إلى أصحابه فقال : تعلمون أنّ النّاس يقطع عليهم بين المدينة ومكّة ، فتؤخذ أموالهم ، ولا يؤمنون على أنفسهم ، ويقتلون.
قالوا : نعم.
قال : فسكت أبو حنيفة.
فقال : يا أبا حنيفة ، أخبرني عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) أين ذلك من الأرض؟
قال : الكعبة.
فقال : أفتعلم أنّ الحجّاج بن يوسف حين وضع المنجنيق على ابن الزّبير في الكعبة فقتله ، كان آمنا فيها؟
قال : فسكت.
فقال : أبو بكر الحضرميّ : جعلت فداك ، ما الجواب في المسألتين الأوّلتين (٣)؟
فقال : يا أبا بكر ، (سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ) ، فقال : مع قائمنا أهل البيت.
وأما قوله : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) ، فمن بايعه ودخل معه ومسح على يده ودخل في عقدة أصحابه ، كان آمنا.
والحديث طويل ، أخذت منه موضع الحاجة.
__________________
(١) هكذا في الأصل. وفي المصدر : ورثك.
(٢) سبأ / ١٨.
(٣) المصدر : الأوليين.