قومك مائة ألف ، أربعين ألفا من شرارهم ، وستّين ألفا من خيارهم.
فقال : يا ربّ ، هؤلاء الأشرار ، فما بال الأخيار؟
فأوحى الله ـ عزّ وجلّ ـ إليه : إنّهم (١) داهنوا أهل المعاصي ، ولم يغضبوا لغضبي.
[وفي شرح الآيات الباهرة (٢) : روي عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ أنّه قال : ولتكن منكم أئمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون. صدق الله ورسوله ، لأنّ هذه الصّفات من صفات الأئمّة ـ صلوات الله عليهم ـ لأنّهم معصومون ، والمعصوم لا يأمر بطاعة إلّا وقد ائتمر بها ولا ينهى عن معصية إلّا وقد انتهى عنها ، كما قال أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه وآله ـ : والله ما أمرتكم بطاعة إلّا وقد ائتمرت بها ، ولا نهيتكم عن معصية إلّا وقد انتهيت عنها].(٣)
(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا) : كاليهود والنّصارى اختلفوا في التّوحيد والتّنزيه وأحوال الآخرة.
(مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ) : في موضع الحال ، من فاعل الفعل السّابق ، وهي الآيات والحجج المبيّنة للحقّ الموجبة للاتّفاق عليه.
وفي الآية دلالة على كفر من اختلف وتفرّق عن الحقّ بعد مجيء البيّنة.
وفي عطف «اختلفوا» على «تفرّقوا» دلالة على أنّ الاختلاف إذا كان بحيث يوجب التّفرّق ، يوجب ذلك لا مطلقا ، كاختلاف الشيعة في بعض الفروع.
(وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (١٠٥) : وعيد للّذين تفرّقوا ، وتهديد على التّشبّه بهم.
(يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) : نصب بما في «لهم» من معنى الفعل ، أو بإضمار «اذكر.» وبياض الوجه وسواده كنايتان عن ظهور بهجة السّرور وكآبة الخوف.
وقيل (٤) : يوسم أهل الحقّ ببياض الوجه والصحيفة وإشراق البشرة وسعي النّور بين يديه وبيمينه ، وأهل الباطل بأضداد ذلك. وفي الأخبار دلالة على ذلك.
__________________
(١) ليس في الكافي.
(٢) تأويل الآيات الباهرة ، مخطوط / ٤٢.
(٣) ما بين المعقوفتين ليس في أ.
(٤) أنوار التنزيل ١ / ١٧٦.