(بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ) ، أي : اعتياد سابقهم صار سببا لذلك الآن.
(وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍ) : والتّقيّد به ، مع أنّه لا يكون إلّا كذلك ، للدّلالة على أنّه لم يكن حقّا بحسب اعتقادهم أيضا. أو للدّلالة على أنّ القتل إنّما يكون قبيحا إذا كان بغير حقّ ، ولو كان بالحقّ وعلى الحقّ فليس بقبيح ، ولو فرض قتل النّبيّ بهذه الصّفة لإزالة ما يختلج في صدورهم من قتل النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ النّاس على اتباع الحقّ.
(ذلِكَ) : أي : الكفر والقتل ، (بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) (١١٢) : بسبب عصيانهم واعتدائهم حدود الله. فإنّ الإصرار على الصّغائر يقضي إلى الكبائر ، والاستمرار عليها يؤدّي إلى الكفر.
وقيل (١) : إنّ معناه : أنّ ضرب الذّلّة في الدّنيا واستيجاب العذاب (٢) في الآخرة كما هو مسبب (٣) بكفرهم وقتلهم ، فهو مسبّب عن عصيانهم واعتدائهم ، من حيث أنّهم مخاطبون بالفروع ، أيضا.
وفي أصول الكافي (٤) : يونس ، عن ابن سنان ، عن إسحاق بن عمّار ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ وتلا هذه الآية : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ) (الآية (٥)).
قال : والله ما قتلوهم بأيديهم ولا ضربوهم بأسيافهم ، ولكنّهم سمعوا أحاديثهم فأذاعوها ، فأخذوا عليها فقتلوا ، فصار [قتلا و] (٦) اعتداء ومعصية.
(لَيْسُوا سَواءً) : في المساءة والحسنة. والضمير لأهل الكتاب (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ) : استئناف لبيان نفي الاستواء.
والقائمة : المستقيمة العادلة. من أقمت العود ، فقام. وهم الّذين أسلموا منهم ، ووضع المظهر موضع المضمر تنبيها على أنّ كونهم من أهل الكتاب لا يصير سبب ما صيّروه سببا له ، بل سبب الانقياد والإسلام كما فعله أضرابهم.
(يَتْلُونَ آياتِ اللهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ) (١١٣) : يتلون القرآن في تهجّدهم ، عبّر عنه بالتّلاوة في ساعات اللّيل مع السّجود ليكون أبين وأبلغ في المدح.
وقيل (٧) : المراد صلاة العشاء ، لأنّ أهل الكتاب لا يصلّونها.
__________________
(١) نفس المصدر والموضع.
(٢) المصدر : الغضب.
(٣) المصدر : معلّل.
(٤) الكافي ٢ / ٣٧١ ، ح ٦.
(٥) ذكر في المصدر الآية بطولها بدل (الآية)
(٦) من المصدر.
(٧) أنوار التنزيل ١ / ١٧٧.