عليّ بن الحسين ، عن أبيه ، عن على بن أبي طالب ـ عليهم السّلام ـ قال : كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ مكفرا لا يشكر معروفه (١) ، ولقد كان معروفه على القرشيّ والعربىّ والعجميّ ، ومن كان أعظم معروفا من رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ على هذا الخلق ، وكذلك نحن أهل [البيت] (٢) مكفرون لا يشكر معروفنا (٣) ، وخيار المؤمنين مكفرون لا يشكر معروفهم.
فما في الآية من أنّ ما تفعلوا من خير فلن تكفروه ، بمعنى ، ترك الجزاء على الخير كما بيّن ، وإلّا فالخير من المؤمنين مكفر كما في الخبر.
(وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ) (١١٥) : بشارة لهم ، وإشعار بأنّ التّقوى مبدأ الخير وحسن العمل.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً) : من النّفع ، أو شيئا من الغناء. وهو بالفتح ، بمعنى : النّفع. فيكون مصدرا.
وقيل (٤) : من العذاب ، وهو يصحّ بتضمين معنى الإبعاد.
(وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ) : ملازموها.
(هُمْ فِيها خالِدُونَ) (١١٦) : وعيد لهم.
(مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ) : ما ينفق الكفرة قربة ، أو مفاخرة وسمعة. والمنافقون رياء ، وخوفا.
(فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا) ، أي : لأجلها ، (كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ) : برد شديد والشّائع إطلاقه للرّيح الباردة كالصّرصر. فهو في الأصل مصدر نعت به ، أو نعت وصف به البرد للمبالغة ، كقولك : برد بارد.
(أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) : بالكفر والمعاصي.
(فَأَهْلَكَتْهُ) : عقوبة لهم ، لأنّ إهلاك من سخط أشدّ. والمراد تشبيه ما أنفقوا في ضياعه ، بحرث كفّار ضربته صرّ فاستأصلته ، ولم يبق لهم منفعة في الدّنيا والآخرة. وهو من التّشبيه المركّب ، ولذلك لم يبال بإيلاء كلمة التّشبيه بالرّيح دون الحرث. ويجوز أن يقدّر ، كمثل مهلك ريح ، وهو الحرث.
__________________
(١) المصدر : معروف.
(٢) من المصدر.
(٣) المصدر : «لا يشكروننا» بدل «لا يشكر معروفنا».
(٤) أنوار التنزيل ١ / ١٧٨.