من الكبريت الأحمر.
فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاريّ ، فقال : يا رسول الله ، للقائم من ولدك غيبة؟
قال : إي وربّي ، (وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ) ، يا جابر إنّ هذا الأمر من الله (١) وسرّ من سرّ الله مطويّ عن عباد الله ، فإيّاك والشّكّ فيه ، فإنّ الشّك في أمر الله ـ عزّ وجلّ ـ كفر.
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ) : بل أحسبتم.
ومعناه ، الإنكار ، أي : لا تحسبوا أن تدخلوها ولمّا يعلم الله المجاهدين منكم ، ولمّا يجاهد بعضكم. وفيه دلالة ، على أنّ الجهاد فرض على الكفاية. والفرق بين «لمّا ، ولم» أنّ فيها توقّعا في المستقبل بخلاف لم.
وقرئ : «يعلم» بفتح الميم ، على أنّ أصله «يعلمن» فحذف النّون (٢).
(وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) (١٤٢) : نصب بإضمار «أن» على أنّ الواو للجمع.
وقرئ ، بالرّفع ، على أنّ الواو للحال ، كأنّه قال : ولمّا تجاهدوا وأنتم صابرون (٣).
وفي تفسير العيّاشيّ (٤) : عن داود الرّقيّ قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ تعالى ـ : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ).
قال : إنّ الله هو أعلم بما هو مكوّنه قبل أن يكوّنه وهم ذرّ ، وعلم من يجاهد ممّن لا يجاهد ، كما (٥) أنّه يميت خلقه قبل أن يميتهم ولم يرهم موتهم وهم أحياء.
(وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ) : بالشّهادة أو الحرب ، فإنّها من أسباب الموت.
(مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ) : من قبل أن تشاهدوه ، وتعرفوا ثبوته.
(فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) (١٤٣) ، أي : رأيتموه معاينين له حين قتل دونكم
__________________
(١) المصدر : «إن هذا الأمر [أمر] من أمر الله» بدل «إن هذا الأمر من الله».
(٢) أنوار التنزيل ١ / ١٨٤.
(٣) نفس الموضع والمصدر.
(٤) تفسير العياشي ١ / ١٩٩ ، ح ١٤٧.
(٥) المصدر : كما علم.