من قتل من إخوانكم. وهو توبيخ لهم على أنّهم تمنّوا وتسيّبوا لها ، ثمّ جبنوا وانهزموا عنها.
أو على تمنّي الشّهادة ، فإنّ في تمنّيها تمنّي غلبة الكفّار.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في هذه (٢) الآية : أنّ المؤمنين لمّا أخبرهم الله ـ تعالى ـ بالّذي فعل بشهدائهم يوم بدر ومنازلهم في (٣) الجنّة ، رغبوا في ذلك ، فقالوا : اللهمّ ، أرنا قتالا (٤) نستشهد فيه. فأراهم الله إياه يوم أحد ، فلم يثبتوا إلّا من (٥) شاء الله منهم ، فذلك قوله : (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ) (الآية) (٦) [(مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ)].(٧)
(وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) : فسيخلو كما خلوا بالموت ، أو القتل.
(أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) : إنكار لارتدادهم وانقلابهم على أعقابهم عن الدّين ، لخلوّه بموت أو قتل بعد علمهم بخلو الرسل (٨) قبله ، وبقاء دينهم متمسّكا به.
وقيل (٩) : «الفاء» للسّببيّة و «الهمزة» لإنكار أن يجعلوا خلوّ الرّسل قبله ، سببا لانقلابهم على أعقابهم بعد وفاته.
وفي روضة الكافي (١٠) : حنّان ، عن أبيه ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : كان النّاس أهل ردّة بعد النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ الّا ثلاثة.
قلت : ومن الثّلاثة؟
فقال : المقداد بن الأسود ، وأبو ذرّ الغفاريّ ، وسلمان الفارسيّ ـ رحمة الله وبركاته عليهم ـ ثمّ عرف أناس بعد يسير.
وقال : هؤلاء الّذين دارت عليهم الرّحا ، وأبوا أن يبايعوا حتّى جاؤوا بأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ مكرها فبايع ، وذلك قول الله ـ عزّ وجلّ ـ :
__________________
(١) تفسير القمي ١ / ١١٩.
(٢) ذكر الآية في المصدر بدل «هذه».
(٣) المصدر : من.
(٤) المصدر : القتال.
(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ : ما.
(٦) ليس في المصدر.
(٧) من المصدر.
(٨) أ : الرسول.
(٩) أنوار التنزيل ١ / ١٨٤.
(١٠) الكافي ٨ / ٢٤٥ ، ح ٣٤١.