قطّ.
وقيل (١) : أخبر ابن أبيّ بقتل بني الخزرج ، فقال ذلك.
والمعنى : إنّا منعنا تدبير أنفسنا وتصريفها باختيارنا ، فلم يبق لنا من الأمر شيء أوهل يزول عنّا هذا القهر ، فيكون لنا من الأمر شيء (قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ) ، أي : الغلبة الحقيقيّة لله وأوليائه ، فإنّ حزب الله هم الغالبون. أو القضاء له ، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. وهو اعتراض.
وقرأ ابو عمرو ويعقوب «كلّه» بالرّفع ، على الابتداء (٢).
(يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ) : حال ، من ضمير «يقولون» ، أي : يقولون مظهرين أنّهم مسترشدون طالبون للنّصر ، مبطنين الإنكار والتّكذيب.
(يَقُولُونَ) ، أي : في أنفسهم ، أو إذا خلا بعضهم إلى بعض. وهو بدل من «يخفون.» أو استئناف ، على وجه البيان له.
(لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) : كما وعد محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ وزعم ، متوصّلا أنّ الأمر كلّه لله ـ تعالى ـ ولأوليائه. أولو كان لنا اختيار وتدبير لم نبرح ، كما كان ابن أبيّ وغيره.
(ما قُتِلْنا هاهُنا) : لما غلبنا ، ولما قتل من قتل منّا في هذه المعركة.
(قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ) ، أي : لخرج الّذين قدّر الله عليهم القتل وكتب في اللّوح المحفوظ إلى مصارعهم ، ولم ينفع الإقامة بالمدينة ، ولم ينج منه أحد ، فإنّه قدّر الأمور ودبّرها في سابق قضائه ، لا معقّب لحكمه.
(وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ) : ليمتحن ما في صدوركم ، ويظهر سرائرها من الإخلاص والنّفاق. وهو علّة فعل محذوف ، أي : وفعل ذلك ليبتلي. أو عطف على محذوف ، أي ، لبرز لنفاذ القضاء ، أو لمصالح جمّة وللابتلاء. أو على قوله : لكيلا تحزنوا.
(وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ) : وليكشفه ويميّزه ، أو يخلّصه عن الوساوس.
(وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (١٥٤) : بخفيّاتها قبل إظهارها. وفيه وعد ووعيد ، وتنبيه على أنّه غنيّ عن الابتلاء ، وإنّما فعل ذلك لتمرين المؤمنين وإظهار حال المنافقين.
(إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) : انهزموا يوم أحد.
__________________
(١) نفس المصدر والموضع.
(٢) نفس المصدر ١ / ١٨٨.