الاستخارة.
(إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ) : فلا أحد يغلبكم.
(وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ) ، كما خذلكم يوم أحد ، (فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ) : من بعد خذلانه ، أو من بعد الله ، بمعنى : إذا جاوزتموه فلا ناصر لكم. وهذا تنبيه ، على المقتضي للتّوكّل. وتحريض ، على ما يستحقّ به النّصر من الله. وتحذير ، عمّا يستجلب بخذلانه.
وفي كتاب التّوحيد (١) : بإسناده إلى عبد الله بن الفضل الهاشميّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، يقول فيه : فقلت : قوله ـ عزّ وجلّ ـ : و (ما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ) وقوله ـ عزّ وجلّ ـ : (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ).
فقال : إذا فعل العبد ما أمره الله ـ عزّ وجلّ ـ به من الطّاعة كان فعله وفقا لأمر الله ـ عزّ وجلّ ـ وسمّي العبد به موفّقا ، وإذا أراد العبد أن يدخل (٢) في شيء من معاصي الله فحال الله ـ تبارك وتعالى ـ بينه وبين تلك المعصية فتركها كان تركه لها (٣) بتوفيق الله ـ تعالى ذكره ـ ومتى خلّى بينه وبين المعصية فلم يحل بينه وبينها حتّى يرتكبها فقد خذله ولم ينصره ولم يوفّقه.
(وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (١٦٠) فليخصّوه بالتّوكّل عليه ، لمّا علموا أن لا ناصر سواه وآمنوا به.
(وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ) : وما صحّ لنبيّ أن يخون في الغنائم ، فإنّ النّبوّة تنافي الخيانة.
يقال : غلّ شيئا من المغنم ، يغلّ غلولا ، وأغلّ إغلالا ، إذا أخذه في خفية.
والمراد منه براءة الرّسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ عمّا اتّهم به.
وقرأ نافع وابن عامر وحمزة والكسائيّ ويعقوب : «أن يغلّ» على البناء للمفعول ، والمعنى : وما صحّ له أن يوجد غالّا ، أو أن ينسب إلى الغلول (٤).
__________________
(١) التوحيد / ٢٤٢ ، ذيل حديث ١.
(٢) أ : «لن يدخل» بدل «أن يدخل».
(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ : «تركها» بدل «تركه لها».
(٤) أنوار التنزيل ١ / ١٩٠.