وقرئ بمن الجارّة ، على أنّه خبر مبتدأ محذوف ، أي : منه ، أو بعثه (١).
(عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) : على الّذين آمنوا مع الرّسول. وتخصيصهم ـ مع أنّ نعمة البعثة عامّة ـ لزيادة انتفاعهم بها.
(إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) : من نسبهم ، أو من صنفهم ، عربيّا مثلهم ، ليفهموا كلامه بسهولة ، ويكونوا واقفين على حاله في الصّدق والأمانة ، مفتخرين به.
وقرئ : من أنفسهم ، أي : من أشرفهم ، لأنّه ـ عليه السّلام ـ كان من أشرف قبائل العرب وبطونهم (٢).
(يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ) ، أي : القرآن ، بعد ما كانوا جهّالا لم يسمعوا الوحي.
(وَيُزَكِّيهِمْ) : ويطهّرهم من دنس الطّبائع ، وسوء العقائد والأعمال ، (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) : القرآن ، والسّنّة.
(وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (١٦٤) :
«إن» هي المخفّفة. واللّام ، هي الفارقة ، والمعنى : وإنّ الشّأن كانوا من قبل بعثة الرّسول في ضلال ظاهر.
(أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها) :
الهمزة ، للتّقرير والتّقريع. والواو ، عاطفة للجملة على ما سبق من قصّة أحد ، أو على محذوف ، أي : فعلتم كذا وقلتم كذا. «لمّا» وهو ظرفه المضاف إلى أصابتكم ، أي : حين أصابتكم مصيبة ، وهي قتل سبعين منكم يوم أحد ، والحال أنّكم نلتم ضعفها يوم بدر من قتل سبعين وأسر سبعين.
(قُلْتُمْ أَنَّى هذا) ، أي : من أين أصابنا هذا؟ وقد وعدنا الله النّصر.
وفي تفسير العيّاشيّ (٣) : محمّد بن أبي حمزة ، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ (٤) قال : كان المسلمون قد أصابوا ببدر مائة وأربعين رجلا ، قتلوا سبعين رجلا وأسروا سبعين ، فلمّا كان يوم أحد أصيب من المسلمين سبعون رجلا ، قال : فاغتمّوا لذلك فأنزل الله ـ تبارك وتعالى ـ : أولمّا (الآية) (٥)
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ١٩٠.
(٢) نفس المصدر والموضع.
(٣) تفسير العياشي ١ / ٢٠٥ ، ح ١٥١.
(٤) يوجد في المصدر بعد هذه العبارة : في قول الله : (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها).
(٥) ذكر في المصدر الآية بدل «الآية».