قلت : فكيف زوجّه الأخرى؟
قال : قد فعل ، فأنزل الله : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ) ـ إلى ـ (عَذابٌ مُهِينٌ).
(ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) قيل (١) : الخطاب لعامّة المخلصين والمنافقين في عصره.
والمعنى : لا يترككم مختلطين لا يعرّف مخلصكم من منافقكم حتّى يميز المنافقين من المخلصين (٢) بالوحي إلى نبيّه [صلّى الله عليه وآله ـ] بأحوالكم ، أو بالتّكاليف الشّاقّة الّتي لا يصبر عليها ولا يذعن لها إلّا الخلّص المخلصون منكم ، كبذل الأنفس والأموال في سبيل الله ، ليختبر [النبيّ به] (٣) بواطنكم وليستدلّ به على عقائدكم.
وفي تفسير العيّاشيّ (٤) : عن عجلان أبي (٥) صالح قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : لا تمضي الأيّام واللّيالي حتّى ينادي مناد من السّماء يا أهل الحقّ اعتزلوا ، يا أهل الباطل اعتزلوا ، فيعزل هؤلاء عن هؤلاء [ويعزل هؤلاء من هؤلاء.
قال :] (٦) قلت : أصلحك الله ، يخالط هؤلاء هؤلاء بعد ذلك النّداء؟
قال : كلا [، إنّه] (٧) يقول في الكتاب : (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ).
وفي كتاب مقتل الحسين ـ عليه السّلام ـ لأبي مخنف (٨) : قال الضّحّاك بن
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ١٩٤ ـ ١٩٥.
(٢) المصدر : «المنافق من المخلص» بدل «المنافقين من المخلصين.»
(٣) من المصدر.
(٤) تفسير العياشي ١ / ٢٠٧ ، ح ١٥٧.
(٥) النسخ : «عجلان بن صالح». وعنونه في جامع الرواة [٢ / ٥٣٧] ونقل رواية أبي يحيى الواسطي عنه ، ثمّ نفى البعد عن كونه «عجلان أبا صالح الواسطي». ر. تنقيح المقال ٢ / ٢٤٩ ـ ٢٥٠ ، ارقام ٧٨٢٠ ، ٧٨٢١ ، ٧٨٢٢ و ٧٨٢٤.
(٦ و ٧) من المصدر.
(٨) ليس في مقتل أبي مخنف المطبوع. ولكن يوجد في سائر المقاتل ، كمقتل المقرّم / ٢٦٣.