(وَابْتَلُوا الْيَتامى) : اختبروهم قبل البلوغ ، بتتبّع أحوالهم في صلاح الدّين ، والتّهدّي إلى ضبط المال وحسن التّصرّف.
(حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ) : حدّا يتأتّى منهم النّكاح. وهو كناية عن البلوغ لأنّه يصلح للنّكاح عنده ، وهو أن يحتلم أو يستكمل خمس عشرة (١) سنة في الرّجال ، والحيض واستكمال تسع سنين في النّساء.
(فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً) : فإن أبصرتم منهم رشدا.
وقرئ : أحستم ، بمعنى : أحسستم (٢).
وفي من لا يحضره الفقيه (٣) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ : إيناس الرّشد حفظ المال.
وفي مجمع البيان (٤) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ : الرّشد ، العقل وإصلاح المال.
(فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) : من غير تأخير عن حدّ البلوغ. ونظم الآية «إن» الشّرطيّة ، جواب «إذا» ، المتضمّنة معنى الشّرط. والجملة غاية الابتلاء ، فكأنّه قيل : وابتلوا اليتامى ، إلى وقت بلوغهم ، فاستحقاقهم دفع أموالهم إليهم ، بشرط إيناس الرّشد منهم. وفيه دلالة على أنّه لا يدفع إليهم أموالهم ما لم يؤنس منهم الرّشد.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٥) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ في هذه الآية قال : من كان في يده مال بعض (٦) اليتامى فلا يجوز له أن يعطيه حتّى يبلغ النّكاح ويحتلم (٧) ، فإذا احتلم وجب عليه الحدود وإقامة الفرائض ، ولا يكون مضيّعا ولا شارب خمر ولا زانيا ، فإذا أنس منه الرّشد دفع إليه المال وأشهد عليه ، وإن كانوا لا يعلمون أنّه قد بلغ فإنّه يمتحن بريح إبطه أو نبت عانته ، فإذا كان ذلك فقد بلغ ، فيدفع إليه ماله إذا كان رشيدا ، ولا يجوز له أن
__________________
(١) النسخ : خمسة عشر.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٢٠٤.
(٣) من لا يحضره الفقيه ٤ / ١٦٤ ، ح ٥٧٥. وفيه : أنّه سئل عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) قال : ...»
(٤) مجمع البيان ٢ / ٩. وفيه : والأقوى أن يحمل على أن المراد به العقل وإصلاح المال ، على ما قاله ابن عباس والحسن وهو المرويّ عن الباقر ـ عليه السّلام ـ.
(٥) تفسير القمي ١ / ١٣١.
(٦ و ٧) ليس في المصدر.