ربّهم ، أو يخشوا على أولاد المريض ويشفقوا عليهم شفقتهم على أولادهم ، فلا يتركوه أن يضرّبهم بصرف المال عنهم. أو للورثة ، بالشّفقة على من حضر القسمة من ضعفاء الأقارب واليتامى والمساكين ، متصوّرين أنّهم لو كانوا أولادهم بقوا خلفهم ضعافا مثلهم هل يجوّزون حرمانهم؟ أو للموصين ، بأن ينظروا للورثة ، فلا يسرفوا في الوصيّة.
(فَلْيَتَّقُوا اللهَ) في أمر اليتامى.
(وَلْيَقُولُوا) : لهم ، أو للمريض ، أو لحاضري القسمة ، أو في الوصيّة ، (قَوْلاً سَدِيداً) (٩) : مثل ما يقولون لأولادهم ، بالشّفقة وحسن الأدب. أو ما يصدّ عن الإسراف في الوصيّة ، وتضييع الورثة ، ويذكّروه التّوبة وكلمة الشّهادة. أو عذرا جميلا ووعدا حسنا. أو في الوصيّة ما لا يؤدّي إلى تضييع الورثة.
[وفي عيون الأخبار (١) : في باب ما كتبه الرّضا ـ عليه السّلام ـ إلى محمّد بن سنان ، في جواب مسائله في العلل : وحرّم أكل مال اليتيم ظلما لعلل كثيرة من وجوه الفساد ، أوّل ذلك أنّه إذا أكل الإنسان مال اليتيم ظلما فقد أعان على قتله ، إذ اليتيم غير مستغن ولا محتمل لنفسه ولا عليم بشأنه ولا له من يقوم عليه ويكفيه كقيام والديه ، فإذا أكل ماله فكأنّه قد قتله وصيّره إلى الفقر والفاقة ، مع ما خوّف الله ـ تعالى ـ وجعل من العقوبة في قوله تعالى : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ) ولقول (٢) أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ «إنّ الله ـ تعالى ـ وعد في أكل مال اليتيم عقوبتين : عقوبة في الدّنيا وعقوبة في الآخرة». ففي تحريم مال اليتيم ، استبقاء (٣) مال اليتيم واستقلاله بنفسه والسّلامة للعقب أن يصيبه ما أصابه لما وعد الله ـ تعالى ـ فيه من العقوبة ، مع ما في ذلك من طلب اليتيم بثأره إذا أدرك ووقوع الشّحناء والعداوة والبغضاء حتى يتفانوا.
وفي كتاب ثواب الاعمال (٤) : أبي ـ رحمه الله ـ قال : حدّثني سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن ، عن زرعة بن محمّد الحضرميّ ، عن سماعة بن مهران قال : سمعته يقول : إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ أوعد في أكل مال اليتيم عقوبتين أمّا أحدهما فعقوبة الآخرة بالنّار ، وأمّا عقوبة الدّنيا فهو قوله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً)
__________________
(١) عيون أخبار الرضا ـ عليه السلام ـ ٢ / ٩٢.
(٢) هكذا في المصدر. وفي الأصل ور : كقول.
(٣) هكذا في المصدر. وفي الأصل ور : استغناء.
(٤) ثواب الأعمال / ٢٧٨ ، ح ٢.