وفيه : أنّه مسخ خاصّ ، فيصحّ أن يكون مقابلا لمسخ أصحاب السّبت. ومن حمل الوعيد على تغيّر الصّورة في الدّنيا قال : إنّه بعد مترقّب ، أو كان وقوعه مشروطا بعدم إيمانهم. وقد آمن منهم طائفة.
(وَكانَ أَمْرُ اللهِ) : بإيقاع شيء ، أو وعيده ، أو ما حكم به وقضاه.
(مَفْعُولاً) (٤٧) : نافذا ، أو كائنا فيقع لا محالة ما أوعدتم به إن لم تؤمنوا.
(إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) : لأنّه حكم بخلود عذابه وأوجب على نفسه تعذيبه ، لأنّه لا ينمحي عنه أثره فلا يستعد للعفو إلّا أن يتوب ويرجع إلى التّوحيد ، فإنّ باب التّوبة مفتوح أبدا.
في عيون الأخبار (١) : عن الرّضا ـ عليه السّلام ـ وبإسناده قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : إنّ الله يحاسب كلّ خلق إلّا من أشرك بالله ، فإنّه لا يحاسب [يوم القيامة] (٢) ويؤمر به إلى النّار.
(وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ) ، أي : ما دون الشّرك ، صغيرا كان أو كبيرا.
في أصول الكافي (٣) : يونس ، عن ابن بكير ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ، ويغفر لما دون ذلك لمن يشاء الكبائر فما سواها.
قال : قلت : دخلت الكبائر في الاستثناء؟
قال : نعم.
(لِمَنْ يَشاءُ) : تفضّلا عليه وإحسانا.
والمراد «بمن يشاء» الشّيعة خاصّة يغفر لهم ما سوى الشّرك ، فمن كان شيعة وخرج من الدّنيا مشركا لا يغفر له كما لا يغفر لسائر المشركين ، وإن لم يكن مشركا يغفر له ـ وإن كان عليه ذنوب أهل الأرض غير الشّرك.
والدّليل على أنّ المراد «بمن يشاء» الشّيعة ما رواه العيّاشي في تفسيره (٤) : عن جابر ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : أمّا قوله : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) يعني : أنّه لا يغفر لمن يكفر بولاية عليّ. وأمّا قوله : (وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) يعني : لمن والى
__________________
(١) عيون الأخبار ٢ / ٣٤ ، ح ٦٦.
(٢) من المصدر.
(٣) الكافي ٢ / ٢٨٤ ، ح ١٨.
(٤) تفسير العياشي ١ / ٢٤٥ ـ ٢٤٦ ، ح ١٤٩.