انّ للقائم منّا غيبتين إحداهما أطول من الأخرى. أمّا الأولى فستّة أيّام أو ستّة أشهر أو ستّة سنين. وأمّا الأخرى فيطول أمرها حتّى يرجع عن هذا الأمر أكثر من يقول به.
فلا يثبت عليه إلّا من قوي يقينه وصحّت معرفته ولم يجد في نفسه حرجا ممّا قضينا وسلّم لنا أهل البيت.
وبهذا الإسناد قال (١) : قال عليّ بن الحسين ـ عليهما السّلام ـ أنّه قال (٢) : إنّ دين الله ـ عزّ وجلّ ـ لا يصاب بالعقول النّاقصة والآراء الباطلة والمقائيس الفاسدة. ولا يصاب إلّا بالتّسليم. فمن سلّم لنا سلم. ومن اقتدى بنا هدي. ومن دان بالقياس (٣) والرّأي هلك. ومن وجد في نفسه شيئا ممّا نقوله أو نقضي به حرجا كفر بالّذي أنزل السّبع المثاني والقرآن العظيم وهو لا يعلم.
وفي كتاب الاحتجاج (٤) ، للطّبرسيّ ـ رحمه الله ـ ، عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، وفيه : وليس كلّ من أقرّ ـ أيضا ـ من أهل القبلة بالشّهادتين كان مؤمنا. إنّ المنافقين كانوا يشهدون أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله ، ويدفعون عهد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بما عهد به من دين الله وعزائمه وبراهين نبوّته إلى وصيّه ، ويضمرون من الكراهية (٥) لذاك والنّقض لما أبرمه منه عند إمكان الأمر لهم فيما قد بيّنه الله ـ تعالى ـ لنبيّه بقوله : (فَلا وَرَبِّكَ) وتلا إلى قوله :
(وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً).
(وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) : قيل (٦) : تعرّضوا بها للقتل بالجهاد. أو اقتلوها كما قتل بنو إسرائيل.
و «أن» مصدريّة. أو مفسّرة. لأنّ كتبنا في معنى : أمرنا.
(أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ) خروجهم.
وقرأ أبو عمرو ويعقوب : «أن اقتلوا» بكسر النّون على التّحريك. و «أو اخرجوا» بضمّ الواو للاتّباع ، والتّشبيه بواو الجمع في نحو : ولا تنسوا الفضل.
__________________
(١) نفس المصدر / ٣٢٤ ، ح ٩.
(٢) ليس في المصدر.
(٣) المصدر : «ومن كان يعمل بالقياس» بدل «ومن دان بالقياس».
(٤) الاحتجاج ١ / ٣٦٩.
(٥) المصدر : الكراهة.
(٦) أنوار التنزيل ١ / ٢٢٧.