معصيته (١) إلّا علّمنيه وحفظته ، فلم أنس منه حرفا واحدا.
والحديث طويل ، أخذت منه موضع الحاجة.
واعلم أنّ التّفسير بالرّأي للمتشابه (٢) حرام ، ومن فسّره برأيه كافر ، يدلّ عليه ما رواه في كتاب كمال الدّين وتمام النعمة ، (٣) بإسناده إلى عبد الرّحمن بن سمرة ، عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ في حديث طويل يقول فيه ـ عليه السّلام ـ : من (٤) فسّر القرآن برأيه فقد افترى على الله الكذب.
وما رواه في كتاب التّوحيد (٥) ، بإسناده إلى الرّيّان بن الصّلت (٦) ، عن عليّ بن موسى الرّضا ـ عليه السّلام ـ عن أبيه ، عن آبائه ، عن عليّ ـ عليه السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : قال الله ـ جلّ جلاله ـ : ما آمن بى من فسّر برأيه كلامي.
ولا خفاء أنّ المراد تفسير المتشابه ، وتأويل المحكم بالرّأي ، بغير ما يدلّ عليه ظاهره ، وبذلك يظهر عدم إيمان اكثر المفسّرين ، ممّن يفسّرون القرآن برأيهم ويأوّلونه على مذاقهم ، ممّن نقلنا بعض تأويلاتهم في أوائل التّفسير تقدمة لهذا التّصريح ، فإنه لا ربة (٧) ، لأحد في أنّهم لا يردّون المتشابهات إلى الرّاسخين الّذين هم الأئمّة ـ عليهم السّلام ـ ويفسّرون الرّاسخين أيضا برأيهم ، ولا يعنون منه النّبيّ والأئمّة ـ عليهم السّلام ـ. فتبصّر.
(رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا) : من مقالة الرّاسخين.
وقيل (٨) : استئناف ، والمعنى : لا تزغ قلوبنا عن نهج الحقّ ، وهو من الرّاسخين خضوع في مقام العبوديّة.
وقيل : لا تبلنا ببلايا تزيغ فيها قلوبنا.
(بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا) إلى الحقّ و «بعد» نصب على الظّرف و «إذ» في محلّ الجرّ
__________________
(١) أ : من طاعة أو معصية.
(٢) ر : فالمتشابه.
(٣) نفس المصدر / ٢٥٧ ، ضمن ح ١.
(٤) أو المصدر : ومن.
(٥) التوحيد / ٦٨ ، صدر ح ٢٣.
(٦) أ : الريّان بن أبي الصلت.
(٧) أ : «فأديته» بدل فانّه لا ربة.
(٨) أنوار التنزيل ١ / ١٥٠.