(يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) ، أي : بليّة ، كقحط.
(يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ) : يطّيّروا بك. ويقولون : إن هي إلّا بشؤمك ، كما قالت اليهود حين دخل محمّد ـ عليه السّلام ـ المدينة : نقصت ثمارها وغلت أسعارها.
(قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) : يبسط ويقبض ، حسب إرادته.
(فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) (٧٨) : يوعظون به ، وهو القرآن. فإنهم لو فهموه وتدبّروا معانيه لعلموا أنّ الكلّ من الله. أو حديثا ما ، كبهائم لا إفهام لها. أو حادثا من صروف الزّمان ، فيتفكّروا فيها ، فيعلموا أنّه الباسط والقابض.
(ما أَصابَكَ) : يا إنسان : (مِنْ حَسَنَةٍ) : من نعمة.
(فَمِنَ اللهِ) : تفضّلا ، فإنّ كلّ ما يفعله الإنسان من عبادة فلا يكافئ صغرى نعمة من أياديه.
(وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ) : من بليّة.
(فَمِنْ نَفْسِكَ) : لأنّها السّبب فيها ، لاستجلابها بالمعاصي. وهو لا ينافي قوله : (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) فإنّ الكلّ منه إيجادا وإيصالا ، غير أنّ الحسنة إحسان وامتنان ، والسّيئة مجازاة وانتقام. قال الله : (ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) .. (١)
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) : عن الصّادقين ـ عليهم السّلام ـ أنّهم قالوا :
__________________
(١) نفس المصدر والموضع.
(٢) الحديث هنا فيه اختلاف كثير وفي المصدر موجود هكذا (ر. تفسير القمي ١ / ١٤٤) : عن الصادقين ـ عليهم السّلام ـ أنّهم قالوا : الحسنات في كتاب الله على وجهين والسيّئات على وجهين. فمن الحسنات التي ذكرها الله الصحة والسلامة والأمن والسعة والرزق. وقد سمّاها الله الحسنات : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) يعني بالسيّئة هاهنا المرض والخوف والجوع والشدّة يطيّروا بموسى ومن معه ، أي : يتشاءموا به. والوجه الثاني من الحسنات يعني به أفعال العباد وهو قوله [الأنعام / ١٦٠] : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) ومثله كثير وكذلك السيّئات على وجهين. فمن السيّئات الخوف والجوع والشدّة وهو ما ذكرناه في قوله [الأعراف / ١٣١] : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ) وعقوبات الذنوب فقد سمّاها الله السيّئات. والوجه الثاني من السيّئات يعني بها أفعال العباد التي يعاقبون عليها فهو قوله [النمل / ٩٠] : (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ).