في مجمع البيان (١) : عن الباقر ـ عليه السّلام ـ : نزلت في قوم قدموا من مكّة وأظهروا الإسلام ، ثمّ رجعوا إلى مكّة فأظهروا الشّرك ، ثمّ سافروا إلى اليمامة ، فاختلف المسلمون في غزوهم لاختلافهم في إسلامهم وشركهم.
أي : ما لكم تفرّقتم في أمر المنافقين فئتين ، أي : فرقتين ، ولم تتّفقوا على كفرهم.
و «فئتين» حال ، عاملها «ما لكم» كقولك : مالك قائما.
و «في المنافقين» حال من «فئتين» ، أي : متفرّقين فيهم. أو من الضّمير ، أي : فما لكم تفترقون فيهم. ومعنى الافتراق مستفاد من «فئتين».
(وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا) : ردّهم إلى حكم الكفرة ، أو نكسهم بأن صيّرهم للنّار. وأصل الرّكس ، ردّ الشيء مقلوبا.
(أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ) : أن تجعلوه من المهتدين.
(وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) (٨٨) : إلى الهدى.
(وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا) تمنّوا أن تكفروا ككفرهم.
(فَتَكُونُونَ سَواءً) : في الضّلال. وهو عطف على «تكفرون» ولو نصب على جواب التّمنّي لجاز.
في روضة الكافي (٢) ، بإسناده إلى أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ حديث طويل ، يقول فيه ـ عليه السّلام ـ : وإنّ لشياطين الإنس حيلة ومكرا وخدائع ووسوسة بعضهم إلى بعض. يريدون إن استطاعوا أن يردّوا أهل الحقّ عمّا أكرمهم الله به من النّظر في دين الله ، الّذي لم يجعل الله شياطين الإنس من أهله ، إرادة أن يستوي أعداء الله وأهل الحقّ في الشّكّ والإنكار والتّكذيب ، فيكونون كما وصفه الله ـ تعالى ـ في كتابه من قوله : (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً).
(فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) : فلا توالوهم حتّى يؤمنوا أو يحقّقوا إيمانهم بهجرة هي لله ورسوله ، لا لأغراض الدّنيا. و «سبيل الله» ما أمر بسلوكه.
(فَإِنْ تَوَلَّوْا) : عن الإيمان ، المصاحبة للهجرة المستقيمة. وقيل (٣) : عن إظهار
__________________
(١) مجمع البيان ٢ / ٨٦.
(٢) الكافي ٨ / ٤٠٥ ـ ٤٠٦ ، رسالة أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ إلى جماعة الشيعة.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٢٣٥.