وفي الجوامع (١) : عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : لقد خلّفتم في المدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلّا كانوا معكم. وهم الّذين صحّت نيّاتهم ونصحت جيوبهم وهوت أفئدتهم إلى الجهاد. وقد منعهم من المسير ضرر أو غيره.
(وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً) (٩٥) : نصب على المصدر ، لأنّ فضّل ، بمعنى : أجر. أو المفعول الثّاني له ، لتضمّنه معنى الإعطاء ، كأنّه قيل (٢) : وأعطاهم زيادة على القاعدين أجرا عظيما.
(دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً) : كلّ واحدة منها بدل من «أجرا». ويجوز أن ينتصب «درجات» على المصدر ، كقولك : ضربته أسواطا. و «أجرا» على الحال عنها تقدّمت عليها. لأنّها نكرة. و «رحمة ومغفرة» على المصدر بإضمار فعليهما.
وفي مجمع البيان (٣) : وجاء في الحديث : إنّ الله ـ سبحانه ـ فضّل المجاهدين على القاعدين سبعين درجة ، بين كلّ درجتين مسيرة سبعين خريفا للفرس الجواد المضمر.
كرّر تفضيل المجاهدين وبالغ فيه إجمالا وتفصيلا ، تعظيما [للجهاد] (٤) وترغيبا فيه.
وقيل (٥) : الأوّل ، ما حقّ لهم في الدّنيا من الغنيمة والظّفر وجميل الذّكر.
والثّاني ، ما جعل لهم في الآخرة.
وقيل (٦) : المراد «بالدّرجة» الأولى ، ارتفاع منزلتهم عند الله ـ تعالى ـ و «الدّرجات» منازلهم في الجنّة.
وقيل (٧) : «القاعدون» الأوّل ، هم الأضرّاء. و «القاعدون» الثّاني ، هم الّذين أذن لهم في التّخلّف ، اكتفاء بغيرهم.
وقيل (٨) : «المجاهدون» الأوّلون ، من جاهد الكفّار. والآخرون ، من جاهد نفسه ، كما ورد في الحديث : رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر.
وقيل : (٩) يحتمل أن يكون المراد بالأوّل قوما ، وبالآخر آخرين ، فإنّ ما بين القاعد والمجاهد كما بين السّماء والأرض.
__________________
(١) جوامع الجامع / ٩٤.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٢٣٨.
(٣) مجمع البيان ٢ / ٩٧.
(٤) من أنوار التنزيل.
(٥) أنوار التنزيل ١ / ٢٣٨ ـ ٢٣٩.
(٦) نفس المصدر والموضع.
(٧ و ٨) نفس المصدر والموضع.
(٩) تفسير الصافي ١ / ٤٥١.