(وَكانَ اللهُ غَفُوراً) : لما عسى يفرط منهم.
(رَحِيماً) (٩٦) : يرحمهم بإعطاء الثّواب.
(إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) : يحتمل الماضي والمضارع.
وقرئ : «توفّتهم» و «توفّاهم» على مضارع وفيت ، بمعنى : أنّ الله يوفّي الملائكة أنفسهم فيتوفّونها ، أي : يمكّنهم من استيفائها فيتوفّونها (١).
(ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) : في حال ظلمهم أنفسهم ، بترك الهجرة وموافقة الكفرة.
في كتاب الاحتجاج (٢) : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ أنّه سئل عن قول الله ـ تعالى (٣) ـ : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) وقوله (٤) : (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ) وقوله ـ جلّ وعزّ (٥) ـ : (تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا) وقوله (٦) : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) فمرّة يجعل الفعل لنفسه ، ومرّة لملك الموت ، ومرة للرّسل ، ومرّة للملائكة؟ فقال : إنّ الله ـ تبارك وتعالى ـ أجلّ وأعظم من أن يتولّى ذلك بنفسه ، وفعل رسله وملائكته فعله. لأنّهم بأمره يعملون.
فاصطفى من الملائكة رسلا وسفرة بينه وبين خلقه. وهم الّذين قال الله فيهم (٧) : (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ) فمن كان من أهل الطّاعة تولّت قبض روحه ملائكة الرّحمة. ومن كان من أهل المعصية تولّت قبض روحه ملائكة النّقمة. ولملك الموت أعوان من ملائكة الرّحمة والنّقمة يصدرون عن أمره. وفعلهم فعله. وكلّ ما يأتونه منسوب إليه. وإذا كان فعلهم فعل ملك الموت ، ففعل ملك الموت فعل الله. لأنّه يتوفّى الأنفس على يد من يشاء. ويعطي ويمنع ويثبت ويعاقب على يد من يشاء. وإنّ فعل أمنائه فعله ، كما قال (٨) : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ).
وفي من لا يحضره الفقيه (٩) : عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ أنّه سئل عن ذلك فقال : إنّ الله ـ تعالى ـ جعل لملك الموت أعوانا من الملائكة يقبضون الأرواح ، بمنزلة صاحب الشّرطة له أعوان من الإنس يبعثهم في حوائجه ، فيتوفّاهم الملائكة ويتوفّاهم ملك
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٢٣٩.
(٢) الاحتجاج ١ / ٣٦٤ ـ ٣٦٧.
(٣) الزمر / ٤٢.
(٤) السجدة / ١١.
(٥) الأنعام / ٦١.
(٦) النحل / ٢٨.
(٧) الحج / ٧٥.
(٨) الإنسان / ٣٠.
(٩) من لا يحضره الفقيه ١ / ٨٢ ، ح ٣٧١.