تظاهرت الأخبار على وجوبه ـ أيضا ـ في حال الأمن. ويحتمل أن يكون المراد ـ والله أعلم ـ : أنّه لا جناح عليكم في القصر في صورة الأمن في السّفر ، فيقصر أربع ركعات إلى ركعتين. وأمّا مع الخوف فقصر الرّكعتين إلى ركعة واحدة ، بمعنى : كون إحدى الرّكعتين مع الجماعة والأخرى بدونها. أو كونهما بإيماء ونقص كيفيّة تعدّ الرّكعتان معها بركعة واحدة.
وعلى هذا المعنى يحمل ما رواه في الكافي (١) : عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه وأحمد بن إدريس ومحمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد جميعا ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) قال : في الرّكعتين تنقص منها واحدة.
وقرئ : «من الصّلاة أن يفتنكم» بغير «إن خفتم» ، بمعنى : كراهة أن يفتنكم. وهو القتال ، والتّعرّض بما يكره (٢).
(وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ) : الخطاب وإن تعلّق بالنّبيّ والأئمّة والمقصود عمومه ، لإجماع الطّائفة المحقّة وغيرهم على عدم الاختصاص بحضرة النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
(فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ) : وتقوم الطّائفة الأخرى اتّجاه العدوّ.
(وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ) ، أي : المصلّون حزما.
وقيل (٣) : الضّمير للطّائفة الأخرى ، وذكر الطّائفة الأولى يدلّ عليهم. وسياق الآية يدلّ على الأوّل.
(فَإِذا سَجَدُوا) ، يعني : المصلّين.
(فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ) : يحرسونكم ، يعني : النّبيّ ومن يصلّي معه. فغلب المخاطب على الغائب.
(وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا) : لاشتغالهم بالحراسة.
(فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ) : والآية مطلقة ، في أنّ الإمام يصلّي مرّتين بكلّ طائفة
__________________
(١) نفس المصدر ٣ / ٤٥٨ ، ح ٤.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٢٤٠.
(٣) نفس المصدر والموضع.