(وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ) : جعل الحذر آلة يتحصّن بها الغازي.
فجمع بينه وبين الأسلحة في وجوب الأخذ. ونظيره قوله ـ تعالى (١) ـ : (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ).
(وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً) : تمنّوا أن ينالوا منكم غرّة في صلاتكم ، فيشدّون عليكم شدّة واحدة. وهو بيان ما لأجله أمروا بأخذ السّلاح.
(وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ) : رخصة لهم في وضعها إذا ثقل عليهم أخذها ، بسبب مطر أو مرض. وهذا ممّا يشعر ، بأنّ الأمر بأخذ السّلاح ، للوجوب.
(وَخُذُوا حِذْرَكُمْ) : كيلا يهجم عليكم العدوّ.
(إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً) (١٠٢) : وعد للمؤمنين بالنّصر على الكفّار ، بعد الأمر بالحزم ، لتقوى قلوبهم ، وليعلموا أنّ الأمر بالحزم ليس لضعفهم وغلبة عدوّهم ، بل لأنّ الواجب أن يحافظوا في الأمور على مراسم التّيقّظ والتّدبّر ، فيتوكّلوا على الله.
في تفسير عليّ بن إبراهيم (٢) : هذه الآية نزلت لمّا خرج رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلى الحديبية يريد مكّة. فلمّا وقع الخبر إلى قريش بعثوا خالد بن الوليد في مأتي فارس يستقبل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فكان يعارض رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ على الجبال. فلمّا كان في بعض الطّريق وحضرت صلاة الظّهر ، أذّن بلال وصلّى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
فقال خالد بن الوليد : لو كنّا حملنا عليهم وهم في الصّلاة ، لأصبناهم فإنّهم لا يقطعون الصّلاة. ولكن تجيء لهم الآن صلاة أخرى هي أحبّ إليهم من ضياء أبصارهم. فإذا دخلوا فيها حملنا عليهم. فنزل جبرئيل ـ عليه السّلام ـ بصلاة الخوف بهذه الآية. ففرّق رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أصحابه فرقتين. فوقف بعضهم تجاه العدوّ وقد أخذوا سلاحهم. وفرقة صلّوا مع رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ قائما ومرّوا فوقفوا موقف أصحابهم. وجاء أولئك الّذين لم يصلّوا. فصلّى بهم رسول الله
__________________
(١) الحشر / ٩.
(٢) تفسير القمي ١ / ١٥٠.