(إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) (١٠٦) : لمن يستغفره.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : كان سبب نزولها ، أنّ قوما من الأنصار من بني أبيرق إخوة ثلاثة ، كانوا منافقين ، بشير ومبشر وبشر. فنقبوا على عمّ قتادة بن النّعمان ، وكان قتادة بدريّا ، وأخرجوا طعاما كان أعدّه لعياله وسيفا ودرعا. فشكى قتادة ذلك إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. فقال : يا رسول الله ، إنّ قوما نقبوا على عمّي ، وأخذوا طعاما كان أعدّه لعياله وسيفا ودرعا ، وهم أهل بيت سوء. وكان معهم في الرّأي رجل مؤمن يقال له : لبيد بن سهل.
فقال بنو أبيرق لقتادة : هذا عمل لبيد بن سهل. فبلغ ذلك لبيد. فأخذ سيفه.
وخرج عليهم. فقال : يا بني أبيرق ، أترمونني بالسّرق وأنتم أولى به منّي ، وأنتم المنافقون تهجون رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وتنسبونه إلى قريش ، لتبيّننّ ذلك أو لأملأنّ سيفي منكم. فداروه وقالوا له : ارجع رحمك الله. فإنّك بريء من ذلك.
فمشى بنو أبيرق إلى رجل من رهطهم يقال له : أسيد بن عروة. وكان منطيقا بليغا. فمشى إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. فقال : يا رسول الله ، إنّ قتادة بن النّعمان عمد إلى اهل بيت من أهل شرف وحسب ونسب. فرماهم بالسّرق. واتّهمهم بما ليس فيهم.
فاغتمّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ من ذلك. وجاء إليه قتادة. فأقبل عليه رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال له : عمدت إلى أهل بيت شرف وحسب ونسب فرميتهم بالسّرقة. وعاتبه عتابا شديدا. فاغتمّ قتادة من ذلك. ورجع إلى عمّه. وقال : ليتني متّ ولم أكلّم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقد كلّمني بما كرهته.
فقال له عمّه : الله المستعان. فأنزل الله في ذلك على نبيّه : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ) (الآيات).
وفي مجمع البيان (٢) ما يقرب منه. قال : وكان بشير يكنّى أبا طعمة ، وكان يقول الشّعر ويهجو به أصحاب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ثمّ يقول : قاله فلان.
(وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ) : يخونونها. فإنّ وبال خيانتهم يعود إليها. أو جعل المعصية خيانة لها ، كما جعلت ظلما عليها.
__________________
(١) تفسير القمي ١ / ١٥٠ ـ ١٥١.
(٢) مجمع البيان ٢ / ١٠٥.