قلت : وما التّمحّل جعلت فداك؟
قال : أن يكون وجهك أعرض من وجه أخيك فتتمحّل له ، وهو قوله : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ) ..
وحدّثني أبي (١) ، عن رجاله ، رفعه إلى أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ الله فرض عليكم زكوات جاهكم ، كما فرض عليكم زكوات ما ملكت أيديكم.
(أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) ، أي : إصلاح ذات بين.
في أصول الكافي (٢) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبي يحيى الواسطي ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : الكلام ثلاثة : صدق ، وكذب ، وإصلاح بين النّاس.
قال : قلت : جعلت فداك ، ما الإصلاح بين النّاس؟
قال : تسمع من الرّجل كلاما يبلغه فتخبث نفسه ، فتلقاه فتقول : سمعت من فلان فيك من كذا وكذا خلاف ما سمعت منه.
وفي كتاب الخصال (٣) : عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن عليّ ـ عليهم السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : ثلاثة يحسن فيهنّ الكذب : المكيدة في الحرب ، وعدتك زوجتك ، والإصلاح بين النّاس.
(وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) (١١٤) :
بني الكلام على الأمر ، ورتّب الجزاء على الفعل ، ليدلّ على أنّه لمّا دخل الآمر في زمرة الخيّرين كان الفاعل أدخل فيهم ، وأنّ العمدة والغرض هو الفعل واعتبار الأمر من حيث أنّه وصلة إليه. وقيّد الفعل بأن يكون لطلب مرضاة الله. لأنّ الأعمال بالنّيات. وأنّ من فعل خيرا رياء وسمعة لم يستحقّ به من الله أجرا. ووصف الأجر بالعظيم ، تنبيها على حقارة ما فات في جنبه من أغراض الدّنيا.
وقرأ حمزة وأبو عمرو : «يؤتيه» بالياء (٤).
(وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ) : يخالفه. من الشّقّ ، فإنّ كلا من المتخالفين في شقّ غير شقّ الآخر.
__________________
(١) نفس المصدر والموضع.
(٢) الكافي ٢ / ٣٤١ ، ح ١٦.
(٣) الخصال ١ / ٨٧ ، ح ٢٠.
(٤) أنوار التنزيل ١ / ٢٤٣.