وأساف ونائلة. كان لكلّ حيّ صنم يعبدونه ، ويسمّونه : أنثى بني فلان. وذلك إمّا لتأنيث أسمائها ، أو لأنّها كانت جمادات. والجمادات تؤنّث من حيث أنّها ضاهت الإناث لانفعالها.
قيل (١) : ولعلّه ـ تعالى ـ ذكرها بهذا الاسم ، تنبيها على أنّهم يعبدون ما يسمّونه إناثا. لأنّه ينفعل ولا يفعل. ومن حقّ المعبود أن يكون فاعلا غير منفعل ليكون دليلا على تناهي جهلهم وفرط حماقتهم.
وقيل (٢) : المراد ، الملائكة. لقولهم : «الملائكة بنات الله.» وهو جمع ، أنثى.
كرباب ، وربّى.
وقرئ : «أنثى» على التّوحيد. و «أنثا» على أنّه جمع أنيث. كخبث ، وخبيث. و «وثنا» بالتّخفيف والتّثقيل. وهو جمع وثن. كأسد وأسد. و «أثنا» بهما ، على قلب الواو لضمّها همزة (٣).
وفي مجمع البيان (٤) : عن تفسير أبي حمزة الثّماليّ قال : كان في كلّ واحدة منهنّ شيطانة أنثى تتراءى للسّدنة وتكلّمهم ، وذلك من صنع إبليس. وهو الشّيطان الّذي ذكره الله ولعنه.
(وَإِنْ يَدْعُونَ) : وإن يعبدون بعبادتها.
(إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً) (١١٧) : لأنّه الّذي أمرهم بعبادتها وأغراهم عليها.
فكأنّ طاعته في ذلك عبادة له. والمارد والمريد ، الّذي لا يعلق بخير. وأصل التّركيب ، للملاسة.
ومنه : صرح ممرّد. وغلام أمرد. وشجرة مرداء ، الّذي تناثر ورقها.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٥) : قوله : (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً) قال : قالت قريش : إنّ الملائكة هم بنات الله. (وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً) قال : كانوا يعبدون الجنّ.
(لَعَنَهُ اللهُ) : صفة ثانية للشّيطان.
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٢٤٤.
(٢) نفس المصدر والموضع.
(٣) نفس المصدر والموضع.
(٤) مجمع البيان ٢ / ١١٢.
(٥) تفسير القمي ١ / ١٥٢ ـ ١٥٣.