(وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) (١١٨) : عطف عليه ، أي : شيطانا مريدا جامعا بين لعنة الله. وهذا القول الدّالّ على فرط عداوته للنّاس.
و «المفروض» المقطوع ، أي : نصيبا قدّر لي وفرض. من قولهم. فرض له في العطاء.
في مجمع البيان (١) : عن تفسير الثّماليّ ، عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ في هذه الآية : من بني آدم تسعة وتسعون في النّار ، وواحد في الجنّة.
وفي رواية أخرى (٢) : من كلّ ألف واحد لله ، وسائرهم للنّار ولإبليس.
قيل (٣) : وقد برهن سبحانه أوّلا ، على أنّ الشّرك ضلال في الغاية على سبيل التّعليل ، بأنّ ما يشركون به ينفعل ولا يفعل فعلا اختياريا. وذلك ينافي الألوهيّة غاية المنافاة. فإنّ الإله ينبغي أن يكون فاعلا غير منفعل. ثمّ استدلّ عليه ، بأنّه عبادة الشّيطان وهي أفظع الضّلال لثلاثة أوجه : الأوّل ، أنّه مريد منهمك في الضّلال لا يعلق بشيء من الخير والهدى ، فتكون طاعته ضلالا بعيدا من الهدى.
والثّاني ، أنّه ملعون لضلاله ، فلا تستجلب مطاوعته سوى الضّلال واللّعن.
والثّالث ، أنّه في غاية العداوة والسّعي في إهلاكهم ، وموالاة من هذا شأنه غاية الضّلال فضلا عن عبادته.
(وَلَأُضِلَّنَّهُمْ) : عن الحقّ.
(وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ) : الأماني الباطلة ، كطول العمر ، وأنّ لا بعث ولا عقاب.
[وفي أمالي الصّدوق ـ رحمه الله (٤) ـ بإسناده إلى الصّادق جعفر بن محمّد ـ عليه السّلام ـ قال : لمّا نزلت هذه الآية : (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ) صعد إبليس جبلا بمكّة يقال له : ثور. وصرخ بأعلى صوته بعفاريته. فاجتمعوا إليه.
فقالوا : يا سيّدنا ، لم دعوتنا؟
قال : نزلت هذه الآية ، فمن لها؟
__________________
(١) مجمع البيان ٢ / ١١٣.
(٢) نفس المصدر والموضع.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٢٤٤.
(٤) أمالي الصدوق / ٣٧٦ ، ح ٥.