وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : بعد ما يقرب ممّا ذكر في المجمع أوّلا.
وفي حديث آخر في تفسير هذا (٢) : إن جاءك رجل وقال فيك ما ليس فيك من الخير والثّناء والعمل الصّالح ، فلا تقبله منه وكذّبه ، فقد ظلمك.
وقرئ : «إلّا من ظلم» على البناء للفاعل ، فيكون الاستثناء منقطعا ، أي : ولكنّ الظّالم يفعل ما لا يحبّه الله (٣).
(وَكانَ اللهُ سَمِيعاً) : لما يجهر به من سوء القول.
(عَلِيماً) (١٤٨) : بصدق الصّادق وكذب الكاذب ، فيجازي كلا بعمله.
(إِنْ تُبْدُوا خَيْراً) : طاعة وبرّا.
(أَوْ تُخْفُوهُ) : تفعلوه سرا.
(أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ) : لكم المؤاخذة عليه. وهو المقصود. وذكر إبداء الخير وإخفائه تشبيب له ، ولذلك رتّب عليه قوله : (فَإِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً) (١٤٩) : أي : يكثر العفو عن العصاة مع كمال قدرته على الانتقام ، فأنتم لعدم كمال قدرتكم أولى بذلك. وهو حثّ المظلوم على العفو ، بعد ما رخّص له في الانتصار ، حملا على مكارم الأخلاق.
وفي تقديم «العفوّ» على «القدير» إشارة لطيفة إلى أنّ المعافي من كمال عفوه أن لا يشعر بقدرته حين العفو ، ليتمّ إحسانه بالنسبة إلى المعفوّ عنه ، ولا يصير كالمنّ بعد الصّدقة.
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ) : بأن يؤمنوا بالله ، ويكفروا برسله.
(وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ) : نؤمن ببعض الأنبياء ، ونكفر ببعض. كما فعلته اليهود ، صدّقوا بموسى ومن تقدّمه من الأنبياء ، وكذّبوا عيسى ومحمّدا ـ صلوات الله عليهما ـ. وكما فعلت النّصارى ، صدّقوا عيسى ومن تقدّمه ، وكذّبوا محمّدا ـ صلّى الله عليه وآله ـ. هكذا قيل (٤).
والأولى ، أن يفسّر التّفريق بالإيمان بالله والإيمان بالرّسل أو ببعضهم ، ويجعل
__________________
(١) تفسير القمي ١ / ١٥٧.
(٢) نفس المصدر والموضع.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٢٥٢.
(٤) نفس المصدر ١ / ٢٥٣.