موسى ـ عليه السّلام ـ إلى الطّور وسأل الله ـ تبارك وتعالى ـ أن يكلّمه ويسمعهم كلامه ، فكلّمه الله ـ تعالى ذكره ـ وسمعوا كلامه من فوق وأسفل ويمين وشمال ووراء وأمام ، لأنّ الله ـ تعالى ـ أحدثه في الشّجرة ثمّ جعله منبعثا منها (١) حتّى سمعوه من جميع الوجوه.
وعن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ (٢) : كلّم الله (٣) موسى تكليما بلا جوارح وأدوات وشفة ، ولا لهوات ، سبحانه وتعالى عن الصّفات.
وعنه ـ عليه السّلام ـ (٤) في حديث وقد سأله رجل عمّا اشتبه عليه من الآيات : وكلام الله ـ تعالى ـ ليس بنحو واحد ، منه ما كلّم الله به الرّسل ، ومنه ما قذفه في قلوبهم ، ومنه رؤيا يريها الرّسل ، ومنه وحي وتنزيل يتلى ويقرأ. فهو كلام الله. فاكتف بما وصفت لك من كلام الله. فإنّ كلام الله ليس بنحو واحد. فإنّ منه ما تبلغ رسل السّماء ورسل الأرض.
(رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) : نصب على المدح. أو بإضمار «أرسلنا». أو على الحال. ويكون «رسلا» موطّئا لما بعده ، كقولك : مررت بزيد رجلا صالحا.
(لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) : فيقولوا : (لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً) فينبّهنا ويعلّمنا ما لم نعلم.
و «اللام» متعلّقة «بأرسلنا» ، أو بقوله : «مبشّرين ومنذرين». و «حجّة» اسم كان وخبره «للنّاس» ، أو «على الله». والآخر حال. ولا يجوز تعلّقه «بحجّة» لأنّه مصدر. و «بعد» ظرف لها ، أو صفة.
[وفي نهج البلاغة (٥) : قال ـ عليه السّلام ـ : فبعث فيهم رسله وواتر إليهم أنبياءه ، ليستأدوهم ميثاق فطرته ويذكّروهم منسي نعمته ويحتجّوا عليهم بالتّبليغ ويثيروا لهم دفائن العقول ويروهم آيات القدرة ، من سقف فوقهم مرفوع ومهاد تحتهم موضوع ومعايش وآجال تفنيهم وأوصاب تهرمهم وأحداث تتابع عليهم. ولم يخل الله ـ سبحانه ـ خلقه من نبيّ مرسل أو كتاب منزل أو حجّة لازمة أو محجّة قائمة ، رسل لم
__________________
(١) أ : ميقاتها.
(٢) نفس المصدر / ٧٩ ، ضمن حديث ٣٤.
(٣) ليس في المصدر.
(٤) نفس المصدر / ٢٦٤ ، ضمن حديث ٥.
(٥) نهج البلاغة / ٤٢ ـ ٤٤ ، ضمن خطبة ١.