(وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) : جزاء ما كسبت.
قال البيضاويّ (١) : وفيه دليل على أنّ العبادة لا تحبط ، وأنّ المؤمن لا يخلّد في النّار ، لأنّ توفية إيمانه وعمله لا يكون (٢) في النّار ولا قبل دخولها ، فإذن هي بعد الخلاص [منها].(٣) ويردّ عليه في الأوّل ، أنّه على تقدير الإحباط ، يصدق على النّفس المحسنة الّتي أحبطت حسنتها (٤) بالسّيِّئة الّتي صدرت عنها أنّها وفيت ما كسبت ، بمعنى أنّها لحسنتها لم تعاقب بالسّيّئة الّتي صدرت عنها. وفي الثّاني ، أنّه يمكن توفية (٥) إيمانه وعمله في النّار ، بأن يخفّف عذابه عن قدر ما ينبغي لسيئته ، لإيمانه وعمله.
والتّحقيق أنّ المؤمن ، يعني ، الموالي للأئمّة ـ عليهم السّلام ـ لا يدخل النّار ، وغيره يدخل ولا يخرج. ومناط الإيمان ما جعله الله ورسوله إيمانا ، لا ما جعله كلّ حزب إيمانا وعدّه عملا صالحا ، فكم ممّن يعدّ نفسه مؤمنا وهو مؤمن بنفسه وهواه ، وكم ممّن يعد نفسه مواليا فهو ممّن يوالي الشّيطان.
(وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (٢٥) :
الضّمير لكلّ نفس على المعنى ، لأنّه في معنى كلّ إنسان.
(قُلِ اللهُمَ) :
الميم عوض عن حرف النّداء ، ولذلك لا يجتمعان ، وقد وقع في الشّعر ضرورة ، وهو من خصائص هذا الاسم كدخولها عليه مع لام التّعريف ، وقطع همزته وتاء القسم.
وقيل (٦) : أصله «يا الله آمنّا بخير» ، مخفّف بحذف حرف النّداء ومتعلّقات الفعل وهمزته.
(مالِكَ الْمُلْكِ) : على الحقيقة ، وهو صفة لله. وعند سيبويه ، نداء ثان ، فإنّ الميم عنده تمنع الوصفيّة.
(تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ) ، أي : تعطي منه (٧) ما تشاء من تشاء ، وتستردّ. فالملك الأوّل عامّ ، والأخيران بعضان منه.
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ١٥٤.
(٢) المصدر : لا تكون.
(٣) من المصدر.
(٤) أ ، ر : حسنته.
(٥) أ : توفيته.
(٦) أنوار التنزيل ١ / ١٥٤.
(٧) أ : منها.