وأمّا ما روي في أصول الكافي (١) : «عن أحمد بن مهران وعليّ بن إبراهيم جميعا ، عن محمّد بن عليّ ، عن الحسن (٢) بن راشد ، عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم ، عن أبي الحسن موسى ـ عليه السّلام ـ أنّه قال لرجل نصرانيّ : أمّا أمّ مريم فاسمها مرثا (٣) ، وهي وهيبة.
بالعربيّة»
، فمحمول على تعدّد الاسم ، وسيأتي في الخبر أنّ اسمها حنّة.
وقيل (٤) : كانت لعمران بن يصهر بنت اسمها مريم ، أكبر من هارون وموسى ، وهو المراد وزوجته ، ويرده كفالة زكريا ، فإنّه كان معاصرا لابن ماثان ، وتزوّج ابنته يشاع (٥) ، وكان يحيى وعيسى ابني خالة من الأب.
(مُحَرَّراً) : معتقا لخدمته لا أشغّله بشيء ، أو مخلصا للعبادة. ونصبه على الحال.
نقل (٦) : أنّها كانت عاقرا عجوزا. فبينا هي في ظلّ شجرة إذ رأت طائرا يطعم فرخه ، فحنّت إلى الولد وتمنّته ، فقالت : اللهم إنّ لك عليّ نذرا إن رزقتني ولدا أن أتصّدق به على بيت المقدس فيكون من خدمه. فحملت بمريم ، وهلك عمران ، وكان هذا النّذر مشروعا عندهم في الغلمان (٧) ، فلعلّها بنت الأمر على التقدير أو طلبت ذكرا.
(فَتَقَبَّلْ مِنِّي) : ما نذرته.
(إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ) : لقولي.
(الْعَلِيمُ) (٣٥) : بنيّتي.
(فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى) :
الضّمير لما في بطنها أنّثه ، لأنّه كان مؤنّثا. أو لأنّ أنثى حال عنه ، والحال وصاحبها واحد بالذّات. أو على تأويل مؤنّث ، كالنّفس. ولفظه خبر ، ومعناه تحسّر.
(وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ) : استئناف من الله ، تعظيما لموضوعها.
وقرأ عامر وأبو بكر عن عاصم ويعقوب : «وضعت» على أنّه من كلامها ، تسلية لنفسها ، أي ، ولعلّ لله فيه سرّا ، أو الأنثى كانت خيرا. وقرئ وضعت ، على خطاب الله
__________________
(١) الكافي ١ / ٤٧٨ ـ ٤٧٩ ، ضمن حديث ٤.
(٢) النسخ : الحسين. وما أثبتناه في المتن موافق المصدر.
(٣) هكذا في المصدر. وفي النسخ : مرتاد.
(٤) أنوار التنزيل ١ / ١٥٧.
(٥) هكذا في المصدر. وفي الأصل : «ايشاع» وفي ر : الايشاع.
(٦) نفس المصدر والموضع.
(٧) المصدر : «في عهدهم للغلمان» بدل «عندهم في الغلمان».