(وَامْرَأَتِي عاقِرٌ) : لا تلد من العقر ، وهو القطع ، لأنّها ذات عقر من الأولاد.
(قالَ كَذلِكَ اللهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ) (٤٠) : كذلك الله ، مبتدأ مؤخّر وخبر مقدّم ، للقرينة ، أي : الله على مثل هذه الصّفة. ويفعل ما يشاء ، بيان له ، أي : ما يشاء من العجائب. وهو إنشاء الولد من شيخ فان وعجوز عاقر. أو كذلك ، خبر مبتدأ محذوف ، أي : الأمر كذلك. والله يفعل ما يشاء ، جملة أخرى لبيان أنّه يفعل ما يريده من العجائب ، أي : أنت وزوجك كبير وعاقر ، والله يفعل ما يشاء من خلق الولد.
ويحتمل أن يكون «كذلك» مفعولا مطلقا «ليفعل» ويكون ذلك إشارة إلى ما نعجب منه ، أي : الله يفعل ما يشاء من العجائب مثل ذلك الفعل ، أي : إنشاء الولد من الفاني والعاقر. أو إشارة إلى ما بيّنه من حالتهما ، أي : الّذي يفعل ما يشاء من خلق الولد ، كما أنت عليه وزوجك من الكبر والعقر.
(قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً) : علامة أعلم بها أنّ ذلك الصّوت من الله ، ويكون عبادة يتدارك بها ما دخله من تلك الهبة. وذلك لأنّه إذا جعل له آية وأوحى إليه ، الآية من الله [عبادة وشكرا للموهبة ،] (١) يعلم أنّ صوت الملائكة بأمر الله ووحيه ، ويخضع لله تعالى شكرا لنعمه.
في تفسير العيّاشيّ (٢) : عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ زكريّا لمّا دعا ربّه أن يهب له ذكرا (٣) ، فنادته الملائكة بما نادته [به ،] (٤) أحبّ أن يعلم أنّ ذلك الصّوت من الله ، فأوحى (٥) إليه : أنّ آية ذلك أن يمسك لسانه عن الكلام ثلاثة أيّام ، قال : فلمّا أمسك لسانه ولم يتكلّم ، علم أنّه لا يقدر على ذلك إلّا الله ، وذلك قول الله : (رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ [إِلَّا رَمْزاً).
وعن حمّاد (٦) ، عمّن حدّثه ، عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ قال : لمّا سأل [زكريّا] (٧) ربّه أن يهب له ذكرا ، فوهب له يحيى ، فدخله من ذلك ، فقال : (رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً). فكان يؤمئ برأسه ، وهو الرّمز.
__________________
(١) ليس في أ.
(٢) تفسير العياشي ١ / ١٧٢ ، ح ٤٣.
(٣) هكذا في المصدر. في النسخ : ولدا.
(٤) من المصدر.
(٥) المصدر : أوحى.
(٦) نفس المصدر والموضع ، ح ٤٤.
(٧) من المصدر.