فقد وجبت له النّار. وأنّ من لم يشرك بالله فقد وجبت له الجنّة.
أمّا من أشرك بالله ، فهذا الشّرك البيّن. وهو قول الله : (مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ). وأمّا قوله : «من لم يشرك بالله فقد وجبت له الجنّة» قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : هاهنا النّظر ، هو من لم يعص الله.
(وَمَأْواهُ النَّارُ) : فإنّها المعدّة للمشركين.
(وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) (٧٢) ، أي : وما لهم أحد ينصرهم من النّار.
فوضع الظّاهر موضع المضمر ، تسجيلا على أنّهم ظلموا بالإشراك. وعدلوا عن طريق الحقّ. وهو يحتمل أن يكون من تمام كلام عيسى ، وأن يكون من كلام الله. نبّه على أنّهم قالوا ذلك ، تعظيما لعيسى وتقرّبا إليه. وهو معاديهم بذلك ومخاصمهم فيه ، فما ظنّك بغيره.
(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) : قيل (١) : القائلون بذلك (٢) جمهور النّصارى [، من الماكانيّة واليعقوبيّة والنّسطوريّة. لأنّهم] (٣) يقولون : ثلاثة أقانيم جوهر واحد. أب ، وابن ، وروح القدس إله واحد. ولا يقولون : ثلاثة آلهة. ويمنعون من هذه العبارة. وإن كان يلزمهم [أن يقولوا : ثلاثة آلهة ، فصحّ أن يحكى عنهم بالعبارة الّلازمة. وإنّما قلنا : إنّه يلزمهم] (٤) ذلك. لأنّهم يقولون : الابن إله ، والأب إله ، وروح القدس إله ، والابن ليس هو الأب.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٥) : وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في حديث : أمّا المسيح فعصوه وعظّموه في أنفسهم ، حتّى زعموا أنّه إله وأنّه ابن الله. وطائفة منهم قالوا : ثالث ثلاثة. وطائفة منهم قالوا : هو الله.
(وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ) : وما في الوجود ذات واجب مستحقّ للعبادة ـ من حيث أنّه مبدأ جميع الموجودات ـ إلّا إله واحد. موصوف بالوحدانيّة ، متعال عن قبول
__________________
(١) مجمع البيان ٢ / ٢٢٨.
(٢) المصدر : بهذه المقالة.
(٣) من المصدر.
(٤) من المصدر.
(٥) تفسير القمي ١ / ٢٨٩.