الشّركة. و «من» مزيدة ، للاستغراق.
(وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ) : ولم يوحّدوا.
(لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٧٣) ، أي : ليمسّنّ الّذين بقوا منهم على الكفر. أو ليمسّنّ الّذين كفروا من النّصارى. وضعه موضع «ليمسّنّهم» تكريرا للشّهادة على كفرهم ، وتنبيها على أنّ العذاب على من أدام على الكفر ولم ينقلع عنه. ولذلك عقّبه بقوله :
(أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ) ، أي : ألا يتوبون بالانتهاء عن تلك العقائد والأقوال الزّائغة ، ويستغفرون بالتّوحيد والتّنزيه عن الاتّحاد والحلول بعد هذا التّقرير والتّهديد.
(وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٧٤) : يغفر لهم ، ويمنحهم من فضله إن تابوا. وفي هذا الاستفهام ، تعجّب من إصرارهم.
(مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) ، أي : ما هو إلّا رسول كالرّسل قبله. خصّه الله بآيات كما خصّهم بها. فإن أحيا الموتى على يده ، فقد أحيا العصا وجعلها حيّة تسعى على يد موسى. وهو أعجب. وإن خلقه من غير أب ، فقد خلق آدم من غير أب وأمّ. وهو أغرب.
(وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ) : كسائر النّساء ، الّلاتي يلازمن الصّدق.
(كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ) : ويفتقران إليه افتقار الحيوانات.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) قال : يعني : كانا يحدثان ، فكنّى عن الحدث.
وكلّ من أكل الطّعام يحدث.
وفي كتاب الاحتجاج (٢) : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ في جواب الزّنديق الّذي قال له : لو لا ما في القرآن من الاختلاف والتّناقض لدخلت في دينكم. ثمّ ذكر من ذلك ، أنّ الله شهر هفوات أنبيائه ، وكنّى عن أسماء أعدائه.
قال ـ عليه السّلام ـ : وأمّا هفوات الأنبياء ـ عليهم السّلام ـ وما بيّنه الله في
__________________
(١) نفس المصدر ١ / ١٧٦.
(٢) الاحتجاج ١ / ٣٧٠.