حتّى ألزم رقاب هذه الأمّة حقّنا. والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
(لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا) : من المستلذّات ، أكلا كان أو شربا. فإنّ الطّعم يعمّهما.
وفي مجمع البيان (١) : في تفسير أهل البيت ـ عليهم السّلام ـ : فيما طعموا من الحلال.
(إِذا مَا اتَّقَوْا) : المحرّم.
(وَآمَنُوا) : بالله.
(وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا) : الإشراك في العمل.
(وَآمَنُوا) : إيمانا خالصا.
(ثُمَّ اتَّقَوْا) : ثمّ ثبتوا (٢) على اتّقاء المعاصي.
(وَأَحْسَنُوا) : وتحرّوا الأعمال الجميلة ، واشتغلوا بها.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) : لمّا نزل تحريم الخمر والميسر والتّشديد في أمرهما ، قال النّاس من المهاجرين والأنصار : يا رسول الله ، قتل أصحابنا وهم يشربون الخمر ، وقد سمّاه الله رجسا وجعله من عمل الشّيطان ، وقد قلت ما قلت ، أفيضرّ أصحابنا ذلك شيئا بعد ما ماتوا؟ فأنزل الله هذه الآية. فهذا لمن مات أو قتل قبل تحريم الخمر. و «الجناح» هو الإثم على من شربها بعد التّحريم.
وقيل (٤) : (فِيما طَعِمُوا) ، أي : ممّا لم يحرّم عليهم. (إِذا مَا اتَّقَوْا) ، أي :
المحرّم. (وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ، أي : ثبتوا على الإيمان ، والأعمال الصّالحة. (ثُمَّ اتَّقَوْا) ، أي : ما حرّم عليهم بعد ، كالخمر (وَآمَنُوا) بتحريمه. (ثُمَّ اتَّقَوْا) ، أي : استمرّوا وثبتوا على اتّقاء المعاصي. (وَأَحْسَنُوا) ، أي : وتحرّوا الأعمال الجميلة واشتغلوا بها.
وما ذكره عليّ بن إبراهيم موافق لهذا القول. وهما موافقان لمذهب العامّة. وقد سبق ما يدلّ على تحريم الخمر دائما ، فإن ورد من طريق الخاصّة ما يدلّ على ما قاله
__________________
(١) مجمع البيان ٢ / ٢٤٠.
(٢) هكذا في أ. وفي سائر النسخ : تثبّتوا.
(٣) تفسير القمي ١ / ١٨١ ـ ١٨٢.
(٤) أنوار التنزيل ١ / ٢٩١ ، ببعض الاختلافات.