فرغوا قالوا [: يا عيسى ،] (١) إنّا لو عملنا لأحد من النّاس فقضينا عمله ، لأطعمنا طعاما.
وإنّا صمنا وجعنا. فادع الله أن ينزّل علينا مائدة من السّماء. فأقبلت الملائكة بمائدة يحملونها ، عليها سبعة أرغفة وسبعة أحوات حتّى وضعتها (٢) بين أيديهم. فأكل منها آخر النّاس كما أكل أوّلهم.
وعن عمّار بن ياسر (٣) ، عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال : نزلت المائدة خبزا ولحما. وذلك لأنّهم سألوا عيسى طعاما لا ينفد يأكلون منه. قال : فقيل لهم : فإنّها مقيمة لكم ما لم تخونوا ، أو تخبّئوا ، أو ترفعوا. فإن فعلتم ذلك عذبتكم. قال : فما مضى يومهم حتّى خبّؤوا ورفعوا وخانوا.
وعن سلمان الفارسيّ ـ رضي الله عنه (٤) ـ أنّه قال : والله ، ما تبع عيسى شيئا من المساوئ قطّ ، ولا انتهر يتيما ، ولا قهقه ضحكا ، ولا ذبّ ذبابا عن وجهه ، ولا أخذ عن أنفه من شيء نتن (٥) قطّ ، ولا عبث قطّ. ولمّا سأله الحواريّون أن ينزّل عليهم المائدة ، لبس صوفا وبكى وقال : (اللهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ) (الآية) فنزلت سفرة حمراء بين غمامتين ، وهم ينظرون إليها وهي تهوي منقضّة حتّى سقطت بين أيديهم.
فبكى عيسى ـ عليه السّلام ـ وقال : اللهمّ ، اجعلني من الشّاكرين. اللهمّ ، اجعلها رحمة ولا تجعلها مثلة وعقوبة. واليهود ينظرون إليها. ينظرون إلى شيء لم يروا مثله قطّ ، ولم يجدوا ريحا أطيب من ريحه.
فقام عيسى ـ عليه السّلام ـ وتوضّأ ، وصلّى صلاة طويلة ، ثمّ كشف المنديل عنها وقال : بسم الله خير الرّازقين. فإذا هو سمكة مشويّة ليس عليها فلوس ، تسيل سيلا من الدّسم. وعند رأسها ملح. وعند ذنبها خلّ. وحولها من ألوان (٦) البقول ، ما عدا الكرّاث. وإذا خمسة أرغفة ، على واحد منها زيتون ، وعلى الثّاني عسل ، وعلى الثّالث سمن ، وعلى الرّابع جبن ، وعلى الخامس قديد.
__________________
(١) من المصدر.
(٢) المصدر : وضعوها.
(٣) نفس المصدر والموضع.
(٤) نفس المصدر ٢ / ٢٦٦ ـ ٢٦٧.
(٥) هكذا في المصدر. وفي النسخ : نتن شيء.
(٦) المصدر وأ : أنواع.