تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب [ ج ٤ ]

قائمة الکتاب

البحث

البحث في تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

تفسير كنز الدّقائق وبحر الغرائب [ ج ٤ ]

فقال شمعون : يا روح الله ، أمن طعام الدّنيا هذا أم من طعام الآخرة؟

فقال عيسى : ليس شيء ممّا ترون من طعام الدّنيا ، ولا من طعام الآخرة.

ولكنّه شيء افتعله الله ـ تعالى ـ بالقدرة الغالبة. كلوا ممّا سألتم ، يمدكم ويزدكم (١) من فضله.

فقال الحواريّون : يا روح الله ، لو أريتنا من هذه الآية اليوم آية أخرى.

فقال عيسى ـ عليه السّلام ـ يا سمكة ، أحيي بإذن الله ـ تعالى ـ فاضطربت السّمكة وعاد عليها فلوسها وشوكها ، ففزعوا (٢) منها. فقال : ما لكم تسألون أشياء إذا أعطيتموها كرهتموها. ما أخوفني عليكم أن تعذّبوا؟ يا سمكة ، عودي كما كنت بإذن الله ـ تعالى ـ فعادت السّمكة مشويّة كما كانت.

فقالوا : يا روح الله ، كن أوّل من يأكل منها ثمّ نأكل نحن.

فقال عيسى ـ عليه السّلام ـ : معاذ الله أن آكل منها ، ولكن يأكل منها من سألها. فخافوا أن يأكلوا منها. فدعا لها عيسى ـ عليه السّلام ـ أهل الفاقة والزّمنى والمرضى والمبتلين ، فقال : كلوا منها جميعا ولكن الهناء ، ولغيركم البلاء. فأكل منها ألف وثلاثمائة رجل وامرأة ، من فقير ومريض ومبتلى وكلّهم شبعان يتجشّأ. ثمّ نظر عيسى إلى السّمكة ، فإذا هي كهيئتها حين نزلت من السّماء. ثمّ طارت المائدة صعدا ، وهم ينظرون إليها حتّى توارت عنهم. فلم يأكل يومئذ منها زمن إلّا صحّ ، ولا مريض إلّا بريء ، ولا فقير إلّا استغنى ولم يزل غنيّا حتّى مات. وندم الحواريّون ، ومن لم يأكل منها.

وكانت إذا نزلت ، اجتمع الأغنياء والفقراء والصغار والكبار يتزاحمون عليها.

فلمّا رأى ذلك عيسى جعلها نوبة بينهم. فلبثت أربعين صباحا تنزل ضحى. فلا تزال منصوبة يؤكل منها ، حتّى إذا فاء الفيء طارت صعدا وهم ينظرون في ظلّها حتّى توارت عنهم.

وكانت تنزل غبّا ، يوما ويوما لا. فأوحى الله ـ تعالى ـ إلى عيسى

__________________

(١) هكذا في المصدر وأ. وفي سائر النسخ : يرزقكم.

(٢) هكذا في المصدر. وفي النسخ : وفرقوا.