السّلام : وأمّا القاهر ، فإنّه ليس على معنى علاج ونصب واحتيال ومداراة ومكر ، كما يقهر العباد بعضهم بعضا ، فالمقهور منهم يعود قاهرا والقاهر يعود مقهورا ، ولكن كلّ ذلك من الله ـ تبارك وتعالى ـ على أنّ جميع ما خلق متلبّس بالذّل لفاعله وقلّة الامتناع لما أراد به فلم يخرج منه طرفة عين إنّه يقول له : كن فيكون. والقاهر منّا على ما ذكرت (١) ، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.
(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً) :
الشّيء يقع على كلّ موجود. وجاز إطلاقه على الله ـ تعالى ـ لإخراجه عن حدّ التّعطيل ، ولكنّه شيء بخلاف الأشياء ، كما في الكافيّ (٢) عن الصّادق ـ عليه السّلام ـ.
وقد سبق في سورة البقرة ، أي : قل : أيّ موجود أعظم وأصدق شهادة؟
(قُلِ اللهُ) ، أي : الله أكبر شهادة. ثمّ ابتدأ (شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) ، أي : هو شهيد.
ويجوز أن يكون «الله شهيد» هو الجواب. لأنّه ـ تعالى ـ إذا كان شهيدا ، كان أكبر شيء شهادة.
في تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) ، في رواية أبي الجارود : عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في هذه الآية : أن مشركي أهل مكّة قالوا : يا محمّد ، ما وجد الله رسولا يرسله غيرك ، ما نرى أحدا يصدّقك بالّذي تقول ـ وذلك في أوّل ما دعاهم يومئذ بمكّة ـ قالوا : ولقد سألنا عنك اليهود والنّصارى ، فزعموا أنّه ليس لك ذكر عندهم ، فائتنا من أمر يشهد أنّك رسول الله.
قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : (اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ).
وفي كتاب التّوحيد (٤) ، بإسناده إلى محمّد بن عيسى بن عبيد قال : قال لي أبو الحسن ـ عليه السّلام ـ : ما تقول إذا قيل لك : أخبرني عن الله ـ عزّ وجلّ ـ أشيء هو أم لا؟
__________________
(١) المصدر : ما ذكرته ووصفت.
(٢) الكافي ١ / ٨٣.
(٣) تفسير القمي ١ / ١٩٥.
(٤) التوحيد / ١٠٧.