وفي كتاب التّوحيد (١) ، بإسناده إلى الفضل بن شاذان قال : سأل رجل من الثّنويّة أبا الحسن عليّ بن موسى الرّضا ـ عليه السّلام ـ وأنا حاضر فقال : إنّي أقول : إنّ صانع العالم اثنان ، فما الدّليل على أنّه واحد؟
فقال : قولك : إنّه اثنان ، دليل على أنّه واحد. لأنّك لم تدع الثّاني إلّا بعد إثباتك الواحد. فالواحد مجمع عليه ، والأكثر من واحد مختلف فيه.
وفي نهج البلاغة (٢) : قال ـ عليه السّلام ـ : يا بنيّ ، أنّه لو كان لربّك شريك لأتتك رسله ، ولرأيت آثار ملكه وسلطانه ، ولعرفت أحواله وصفاته ، ولكنّه إله واحد ، كما وصف نفسه ، لا يضادّه في ملكه أحد ولا يزول أبدا.
(وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) (١٩) ، يعني : الأصنام.
(الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ) ، أي : يعرفون رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ بحليته المذكورة في التّوراة والإنجيل.
(كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ) : بحلاهم.
في تفسير عليّ بن إبراهيم (٣) : حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : نزلت هذه الآية في اليهود والنّصارى. يقول الله ـ تبارك وتعالى ـ : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) ، [يعني : التوراة والإنجيل] (٤) (يَعْرِفُونَهُ) ، يعني : رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ (كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ) لأنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ قد أنزل عليهم في التّوراة والإنجيل والزّبور صفة محمّد بن عبد الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وصفة أصحابه ومبعثه وهجرته (٥). وهو قوله ـ تعالى ـ : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ). فهذه صفة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في التّوراة والإنجيل ، وصفة أصحابه. فلمّا بعثه الله
__________________
(١) التوحيد / ٢٦٩ ح ٦.
(٢) نهج البلاغة / ٣٩٦ ، كتاب ٣١.
(٣) تفسير القمّي ١ / ٣٢.
(٤) من المصدر.
(٥) كذا في المصدر ، وفي النسخ : مهاجره.