والمجوس فيقولون : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ). يقول : [الله] (١) (انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ).
قال : وقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : إنّ لكلّ أمّة مجوسا ، ومجوس هذه الأمة الّذين يقولون : لا قدر. ويزعمون أنّ المشيئة والقدرة إليهم ولهم.
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) : حين تتلو القرآن.
قيل (٢) : المراد أبو سفيان والوليد والنّضر وعتبة وشيبة وأبو جهل وأضرابهم ، اجتمعوا فسمعوا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يقرأ.
فقالوا للنّضر : ما يقول؟
فقال : والّذي جعلها بيته ، ما أدري ما يقول ، إنّه يحرّك لسانه ويقول أساطير الأوّلين ، مثل ما حدّثتكم.
(وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً) : أغطية. جمع ، كنان : وهو ما يستر الشّيء.
(أَنْ يَفْقَهُوهُ) : كراهة أن يفقهوه.
(وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) : يمنع من استماعه. كناية عن نبوّ (٣) قلوبهم وأسماعهم عن القبول.
(وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها) : لفرط عنادهم واستحكام التّقليد فيهم.
(حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ) ، أي : بلغ تكذيبهم الآيات إلى أنّهم جاؤوك يجادلونك.
و «حتّى» هي الّتي تقع بعدها الجمل لا عمل لها ، والجهلة «إذا جاؤوك» وجوابه وهو (يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (٢٥) : فإنّ جعل أصدق الحديث خرافات الأوّلين غاية التكذيب. «ويجادلونك» حال لمجيئهم.
ويجوز أن تكون جارّة «وإذا جاؤوك» في موضع الجرّ و «يجادلونك» في موضع جواب و «يقول» تفسير له.
__________________
(١) من المصدر.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٣٠٦.
(٣) نبا السيف : كلّ ورجع من غير قطع.