ثمّ قبض قبضة بهذه فخلقهم خلقا ، مثل الذّرّ ، مثل أولئك ، ثمّ أشهدهم على أنفسهم ، مثل ما أشهد الآخرين ، ثمّ قال لهم : قعوا في هذه النّار. فمنهم من أبطأ ومنهم من أسرع ومنهم من مرّ بطرف (١) العين فوقعوا فيها كلّهم. فقال : اخرجوا منها سالمين ، فخرجوا لم يصبهم شيء. وقال الآخرون : [يا ربّنا] (٢) أقلنا أن (٣) نفعل ، كما فعلوا. قال : قد أقلتكم ، فمنهم من أسرع في السّعي ومنهم من أبطأ ومنهم من لم يبرح (٤) مجلسه ، مثل ما صنعوا في المرّة الأولى. وذلك قوله : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ).
عن خالد (٥) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) إنّهم ملعونون في الأصل.
وفي عيون الأخبار (٦) ، بإسناده إلى الحسن بن بشّار : عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرّضا ـ عليه السّلام ـ قال : سألته أيعلم الله الشّيء الّذي لم يكن أن لو كان كيف كان (٧).
فقال : إنّ الله ـ تعالى ـ هو العالم بالأشياء قبل كون الأشياء. وقال ـ عزّ وجلّ ـ :
(إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ). وقال لأهل النّار : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ). فقد علم ـ عزّ وجلّ ـ أنّه لو ردّهم لعادوا لما نهوا عنه.
وفي كتاب التّوحيد (٨) ، بإسناده إلى الفتح بن يزيد الجرجانيّ : عن أبي الحسن ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. وفي آخره قلت : جعلت فداك ، بقيت مسألة.
قال : هات ، لله أبوك.
قلت : يعلم القديم الشّيء لم يكن أن لو كان كيف كان يكون؟
قال : ويحك ، إنّ مسائلك لصعبة ، أما سمعت الله يقول : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) وقوله : (وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ). وقال يحكي قول أهل النّار :
__________________
(١) كذا في المصدر ، وفي النسخ : «من مطرف» بدل «من مر بطرف».
(٢) من المصدر.
(٣) ليس في المصدر : أن.
(٤) كذا في المصدر ، وفي النسخ : لم يرم.
(٥) تفسير العياشي ١ / ٣٥٩ ، ح ١٩.
(٦) العيون ١ / ١١٨ ، ح ٨.
(٧) المصدر : «كيف كان يكون» بدل «كيف كان».
(٨) التوحيد / ٦٥ ، ذيل ح ١٨.