لبلعم : ادع (١) الله على موسى وأصحابه ليحبسه علينا. فركب على حمارته ، ليمرّ في طلب موسى [وأصحابه] (٢) فامتنعت عليها حمارته. فأقبل يضربها ، فأنطقها الله ـ عزّ وجلّ ـ.
فقالت : ويلك ، على ما تضربني ، أتريد أن أجيء معك فتدعو على نبيّ الله وقوم مؤمنين؟ فلم يزل يضربها حتّى قتلها ، وانسلخ الاسم [الأعظم] (٣) من لسانه. وهو قوله : (فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ ، وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ ، فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ). ـ وهو مثل ضربه ـ.
فقال الرّضا ـ صلوات الله عليه ـ : فلا يدخل الجنّة من البهائم إلّا ثلاث : حمارة بلعم ، وكلب أصحاب الكهف ، والذّئب. وكان سبب الذّئب أنّه بعث ملك ظالم رجلا شرطيّا ليحشر قوما من المؤمنين ويعذّبهم ، وكان للشّرطيّ ابن يحبّه ، فجاء ذئب فأكل ابنه ، فحزن الشّرطيّ عليه ، فأدخل الله ذلك الذّئب الجنّة لمّا أحزن الشّرطيّ.
(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌ) : لا يسمعون مثل هذه الآيات الدّالّة على ربوبيّته ، وكمال علمه ، وعظم قدرته ، سماعا تتأثّر به نفوسهم.
(وَبُكْمٌ) : لا يتكلّمون بخير وحقّ.
(فِي الظُّلُماتِ) : خبر ثالث ، أو حال من المستكنّ في الخبر. والمراد إمّا ظلمات الكفر ، أو ظلمات الجهل والعناد (٤) والتّقليد.
(مَنْ يَشَأِ اللهُ) : خذلانه بمعاصيه.
(يُضْلِلْهُ) : يخذله ، فيضلّ. لأنّه ليس من أهل الهدى.
(وَمَنْ يَشَأْ) : توفيقه.
(يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٣٩) : يرشده إلى الهدى بلطفه ، ويحمله عليه.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٥) : حدّثنا أحمد بن محمّد قال : حدّثنا جعفر بن عبد الله
__________________
(١) المصدر : ادعو.
(٢) من المصدر.
(٣) من المصدر.
(٤) «ر» : والفساد.
(٥) تفسير القمّي ١ / ١٩٨ ـ ١٩٩.