الصفّة يأوون إليها. وكان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يتعاهدهم بنفسه ، وربّما حمل إليهم ما يأكلون. وكانوا يختلفون إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فيقرّبهم ويقعد معهم ويؤنسهم. وكان إذا جاء الأغنياء والمترفون من أصحابه أنكروا عليه ذلك ، ويقولون له : اطردهم عنك. فجاء يوما رجل من الأنصار إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وعنده [رجل] (١) من أصحاب الصّفة قد لزق برسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
ورسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يحدّثه. فقعد الأنصاريّ بالبعد عنهما. فقال له رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : تقدّم.
فلم يفعل.
فقال له رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : لعلّك خفت أن يلزق فقره بك.
فقال الأنصاريّ : اطرد هؤلاء عنك. فأنزل الله الآية.
وفي تفسير العيّاشيّ (٢) : عن الأصبع بن نباتة قال : بينما عليّ ـ عليه السّلام ـ يخطب يوم الجمعة على المنبر ، فجاء الأشعث بن قيس (٣) يتخطّى (٤) رقاب النّاس.
فقال : يا أمير المؤمنين ، حالت الحمد (٥) بيني وبين وجهك.
وقال : فقال عليّ ـ عليه السّلام ـ : مالي وللضّياطرة (٦) ، أطرد قوما غدوا أوّل النّهار يطلبون رزق الله وآخر النّهار ذكروا الله ، فأطردهم فأكون من الظّالمين.
(وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) : ومثل ذلك الفتن وهو اختلاف أحوال النّاس في امور الدّنيا.
«فتّنا» ، أي : ابتلينا بعضهم ببعض في أمر الدّين. فقدّمنا هؤلاء الضّعفاء على أشراف قريش بالسّبق إلى الإيمان.
__________________
(١) من المصدر.
(٢) تفسير العياشي ١ / ٣٦٠ ، ح ٢٦.
(٣) كذا في المصدر ، وفي النسخ : عقيل.
(٤) كذا في المصدر ، وفي النسخ : يخطا.
(٥) كذا في المصدر ، وفي النسخ : حالت الحدا. وكلاهما لا يخلوان عن التصحيف. هامش نور الثقلين ١ / ٧٢١ ، ح ٩٥.
(٦) الضياطرة : العظيم من الرجال لا غناء عندهم.