بيني وبينكم.
(وَاللهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ) (٥٨) : في معنى الاستدراك ، كأنّه قال : ولكنّ الأمر إلى الله ، وهو أعلم بمن ينبغي أن يؤخذ بمن ينبغي أن يمهل منهم.
وفي روضة الكافي (١) : عن عليّ بن محمّد ، عن عليّ بن العبّاس ، عن عليّ بن حمّاد ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال في حديث طويل : قال الله ـ عزّ وجلّ ـ لمحمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ : (قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ).
قال : لو أنّي أمرت أن أعلمكم الّذي أخفيتم في صدوركم من استعجالكم بموتي ، لتظلموا أهل بيتي من بعدي. فكان مثلكم ، كما قال الله ـ عزّ وجلّ ـ : (كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ).
يقول : أضاءت الأرض بنور محمّد ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، كما تضيء الشّمس.
(وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ) : خزائنه. جمع ، مفتح ، بفتح الميم. وهو المخزن ، أو ما يتوصّل به إلى المغيبات. مستعار من المفاتح ، الّذي هو جمع ، مفتح ، بالكسر وهو المفتاح. ويؤيّده أن قرئ (٢) : «مفاتيح». والمعنى : أنّه المتوصّل إلى المغيبات المحيط عمله بها.
(لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ) : فيعلم أوقاتها وما في تعجيلها وتأخيرها من الحكم ، فيظهرها على ما اقتضته حكمته وتعلّقت به مشيئته.
وفيه دليل على أنّه يعلم الأشياء قبل وقوعها.
(وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) : عطف للإخبار عن تعلّق علمه بالمشاهدات ، على الإخبار عن اختصاص العلم بالمغيبات به.
(وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها) : مبالغة في إحاطة علمه بالجزئيات.
(وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (٥٩) : معطوفات على «ورقة». وقوله : (إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) بدل من الاستثناء
__________________
(١) الكافي ٨ / ٣٨٠ ، ذيل ح ٥٧٤.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٣١٣.