سلمان رحمه الله ، فدخل المسجد الحرام ، فجلس إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللّباس فسلّم على أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ ، فردّ عليه السّلام ، فجلس.
ثمّ قال : يا أمير المؤمنين ، أسألك عن ثلاث مسائل ، إن أخبرتني بهنّ علمت أنّ القوم ارتكبوا من أمرك ما أقضي عليهم أنّهم ليسوا بمأمونين في دنياهم ولا في آخرتهم ، وإن تكن الأخرى علمت أنّك وهم شرع سواء.
فقال له أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ : سلني عمّا بدا لك.
قال : أخبرني عن الرّجل إذا نام ، أين تذهب روحه؟ وعن الرّجل ، كيف يذكر وينسى؟ وعن الرّجل ، كيف يشبه [ولده] (١) الأعمام والأخوال.
قال : فالتفت أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ إلى أبي محمّد الحسن ولده ، فقال :
يا أبا محمّد ، أجبه.
فقال ـ عليه السّلام ـ : أمّا ما ذكرت من أمر الذّكر والنّسيان ، فإنّ قلب الرّجل في حقّ وعلى الحقّ طبق. فإن صلّى الرّجل عند ذلك على محمّد وآل محمّد صلاة تامّة ، انكشف ذلك الطّبق عن ذلك الحقّ فأضاء القلب وذكر الرّجل ما كان نسيه. وإن لم يصلّ على محمّد وآله أو نقص من الصّلاة عليهم ، انطبق ذلك الطّبق على ذلك الحقّ فأظلم القلب ونسى الرّجل ما كان ذكر.
(وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ) : وما يلزم المتّقين من قبائح أعمالهم وأقوالهم.
(مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) : ممّا يحاسبون عليه.
(وَلكِنْ ذِكْرى) : ولكن عليهم أن يذكّروهم ذكرى ، ويمنعوهم عن الخوض في القبائح ، ويظهروا كراهتها.
وهو يحتمل النّصب على المصدر ، والرّفع على «ولكن عليهم ذكرى».
ولا يجوز عطفه على محلّ «من شيء» ، لأنّ من حسابهم يأباه ولا على «شيء» لذلك. ولأنّ «من» لا تزاد في الإثبات.
(لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (٦٩) : يجتنبون ذلك حياء أو كراهة ، لمساءتهم.
__________________
(١) من المصدر.