ويحتمل أن يكون الضّمير «الّذين يتّقون». والمعنى : لعلّهم يثبتون على تقواهم ، ولا تنثلم بمجالستهم.
وفي مجمع البيان (١) : عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ : فلمّا نزل (فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) قال المسلمون : كيف نصنع إن كان كلّما استهزأ المشركون بالقرآن قمنا وتركناهم ، فلا ندخل إذا المسجد الحرام ولا نطوف بالبيت الحرام.
فأنزل الله ـ تعالى ـ : (وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ). أمرهم بتذكيرهم وتبصيرهم ما استطاعوا.
(وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً) : حيث سخروا به واستهزؤوا منه. أو بنوا أمر دينهم على التّشهّي. أو جعلوا عيدهم الّذي جعل ميقات عبادتهم زمان لعب ولهو.
والمعنى : أعرض عنهم ولا تبال بأفعالهم وأقوالهم.
ويجوز أن يكون تهديدا لهم ، كقوله : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً).
ومن حمله على الأمر بالكفّ عنهم وترك التّعرّض لهم ، جعله منسوخا بآية السّيف.
(وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) : فألهتهم عن الآخرة.
(وَذَكِّرْ بِهِ) ، أي : بالقرآن.
(أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ) : مخافة أن تسلم إلى الهلاك ، وترتهن بسوء عملها.
وأصل الإبسال والبسل ، المنع. ومنه : أسد باسل ، لأنّ فريسته لا تفلت منه.
والباسل ، الشّجاع لامتناعه من قرنه. وهذا بسل عليك ، أي : حرام.
(لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ) : يدفع عنها العذاب.
(وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ) : وإن تفد كلّ فداء.
والعدل ، الفدية. وهاهنا الفداء.
و «كلّ» نصب على المصدر.
__________________
(١) المجمع ٢ / ٣١٦.