(أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً) : على إرادة القول ، أي : قل لهم يا محمّد : أفغير الله أطلب من يحكم بيني وبينكم ، ويفصل (١) وبينهم ونفصل المحقّ منّا من المبطل.
و «غير» مفعول «أبتغي» ، و «حكما» حال منه ويحتمل عكسه. و «حكما» أبلغ من «حاكم» ، ولذلك لا يوصف به غير العادل.
(وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ) : القرآن المعجز.
(مُفَصَّلاً) : مبيّنا فيه الحقّ والباطل ، بحيث ينفي التّخليط والالتباس.
وفيه تنبيه على أنّ القرآن بإعجازه وتقريره مغن عن سائر الآيات.
(وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِ) : تأكيد لدلالة الإعجاز على أنّ القرآن حقّ منزّل من عند الله ـ تعالى ـ يعلم أهل الكتاب به لتصديقه ما عندهم ، مع أنّه ـ عليه السّلام ـ لم يمارس كتبهم ولم يخالط علماءهم. وإنّما وصف جميعهم بالعلم ، لأنّ أكثرهم يعلمونه. ومن لم يعلم ، فهو متمكّن منه بأدنى تأمّل.
وقيل (٢) : المراد ، مؤمنو أهل الكتاب.
وقرأ (٣) ابن عامر وحفص [عن عاصم] (٤) : «منزّل» بالتشديد (٥).
(فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) (١١٤) : في أنّهم يعلمون ذلك. أو في أنّه منزّل بجحود أكثرهم وكفرهم به. فيكون من باب التّهييج ، كقوله : (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ، ومن قبيل : إيّاك أعني واسمعي يا جارة. أو خطاب الرّسول كخطاب الأمّة.
وقيل (٦) : الخطاب لكلّ أحد ، على معنى : أنّ الأدلّة لمّا تعاضدت على صحّته ، فلا ينبغي لأحد أن يمتري فيه.
(وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ) : بلغت الغاية أخباره وأحكامه ومواعيده.
__________________
(١) كذا في «ج» و «ر» ، وفي سائر النسخ : وبينهم ونفصل.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٣٢٨.
(٣) نفس المصدر ، والموضع.
(٤) من المصدر.
(٥) لا يخفى أنّ منزّل بالتشديد يوجد في متن القرآن وعلى هذا فلا داعي لذكره.
(٦) أنوار التنزيل ١ / ٣٢٨.