أبقاكم ترحّما عليكم.
(إِنَّ ما تُوعَدُونَ) : من البعث وأحواله.
(لَآتٍ) : لكائن لا محالة.
(وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) (١٣٤) : طالبكم به.
وقيل (١) : بخارجين من (٢) ملكه.
يقال : أعجزني كذا ، أي : فاتني وسبقني.
(قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) : في غاية تمكّنكم واستطاعتكم. يقال :
مكن مكانة : إذا تمكّن أبلغ التّمكّن. أو على ناحيتكم وجهتكم الّتي أنتم عليها. من قولهم : مكان ومكانة ، لمقام ومقامة.
وقرأ (٣) أبو بكر عن عاصم : «مكاناتكم» بالجمع في كلّ القرآن ، وهو أمر تهديد.
والمعنى : اثبتوا على كفركم وعداوتكم.
(إِنِّي عامِلٌ) : على ما كنت عليه من المصابرة والثّبات على الإسلام.
والتّهديد بصيغة (٤) الأمر ، مبالغة في الوعيد كأنّ المهدّد يريد تعذيبه مجمعا عليه فيحمله بالأمر على ما يفضي إليه ، وتسجيل بأنّ المهدّد لا يتأتّى منه إلّا الشّرّ ، كالمأمور به الّذي لا يقدر أن يتفصّى (٥) عنه.
(فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ).
إن جعل «من» استفهاميّة بمعنى : أيّنا تكون له العاقبة الحسنى الّتي خلق الله لها هذه الدّار ، فمحلّها الرّفع ، وفعل العلم معلّق عنه. وإن جعلت خبريّة ، فالنّصب «بتعلمون» ، أي : فسوف تعرفون الّذي يكون له العاقبة.
وفيه مع الإنذار ، إنصاف في المقال وحسن الأدب ، وتنبيه على وثوق المنذر بأنّه محقّ.
__________________
(١) مجمع البيان ٢ / ٣٦٩ وفيه : يقال.
(٢) كذا في المصدر ، وفي النسخ : عن.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٣٣٢.
(٤) كذا في «ر» ، وفي سائر النسخ : بصفة.
(٥) تفصّى من الشيء وعنه : تخلّص منه.