طويل. يقول فيه ـ عليه السّلام ـ : إنّ عليّ بن الحسين ـ عليه السّلام ـ لمّا حدّث بهذا الحديث قال له بعض من في مجلسه : يا ابن رسول الله ، كيف يعاتب (١) الله ويوبّخ هؤلاء الأخلاف على قبائح أتاها أسلافهم وهو يقول : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى)؟
فقال زين العابدين ـ عليه السّلام ـ : إنّ القرآن نزل بلغة العرب ، فهو يخاطب فيه أهل اللّسان بلغتهم. يقول الرّجل لتميميّ (٢) قد أغار قومه على بلد وقتلوا من فيه : أغرتم على بلد كذا ، أو فعلتم كذا. ويقول العربيّ : ونحن فعلنا ببني فلان ، ونحن سبينا آل فلان ، ونحن خرّبنا بلد كذا. لا يريد أنّهم باشروا ذلك ، ولكن يريد هؤلاء بالعذل وأولئك بالافتخار (٣) أنّ قومهم فعلوا كذا. وقول الله ـ عزّ وجلّ ـ في هذه الآيات إنّما هو توبيخ لأسلافهم وتوبيخ العذل على هؤلاء الموجودين. لأنّ (٤) ذلك هو اللّغة الّتي نزل بها القرآن ، ولأنّ (٥) هؤلاء الأخلاف [أيضا] (٦) راضون بما فعل أسلافهم مصوّبون ذلك (٧) لهم.
فجاز أن يقال أنتم : فعلتم [أي] (٨) : إذا رضيتم قبيح فعلهم.
(ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ) : يوم القيامة.
(فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (١٦٤) : فيبيّن الرّشد من الغّي ، ويميّز المحقّ من المبطل.
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ) : يخلف بعضكم بعضا. أو خلفاء الله في أرضه تتصرفّون فيها ، على أنّ الخطاب عامّ. أو خلفاء الأمم السّابقة ، على أنّ الخطاب للمؤمنين.
(وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) : في الشّرف والغنى.
(لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ) : من الجاه والمال كيف تشكرون نعمه.
(إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ) : لأنّ ما هو آت قريب. ولأنّه يسرع إذا أراده.
__________________
(١) كذا في «ر» ، وفي سائر النسخ : يعاقب.
(٢) المصدر : التميميّ.
(٣) كذا في المصدر ، وفي النسخ : بالامتحان.
(٤) كذا في المصدر ، وفي النسخ : فإنّ.
(٥) المصدر : الآن.
(٦) من المصدر.
(٧) ليس في المصدر.
(٨) من المصدر.