من هنا اعتبرت الآية الكريمة زيغ النفس وانحرافها سببا للتأويل الباطل وحذّر من أيّ نوع من الزيغ.
التأويل :
بعد وجود الزيغ في القلب نبدأ عملية التأويل ، وهي تطبيق القيم العقلية والرسالية على أهواء الذات ، فمثلا : يتم تطبيق قيم العدالة والمساواة على هوى الذات كيف؟ يقول من ابتلي بانحراف في نفسه : إنه ليس من العدالة ان أكون فقيرا والناس أغنياء ، فعليّ ان أسرق من الناس لجبر فقري. أو يقول الديكتاتور ان ضرورة النظام تفرض علينا كبت حريات الناس ، وهكذا يتم تحريف القيم باتجاه الهوى. أو بتعبير القرآن تأويلها بما يتناسب والأهواء الذاتية.
الفتنة :
والتأويل يأتي بعد الفتنة ، إذ الفتنة هدف التأويل وهي ظلم الناس ، إذ لا ينحرف البشر الا استجابة لضغوط شهوات الذات ، التي تدعو بالطبع إلى اغتصاب حقوق الآخرين ، مما يسمى بالفتنة في منطق القرآن.
ان علامة الانحراف هي التأويل غير العلمي ، وعلامة التأويل غير العلمي هي استهداف الفتنة. وباستطاعتنا ان نكشف الانحراف العقلي من المظاهر الاجتماعية (الظلم الاجتماعي). فالنتائج السلبية للفكرة تكون ابسط دليل على خطأ الفكرة ذاتها. من هنا نبّه القرآن الى ان الفكرة الخاطئة هي التي تستهدف نتائج ظالمة. وقال :
(فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ)
يعني إنّ المنحرفين نفسيا هم الذين يتركون الآيات الواضحة الى الآيات